تمت الإضافة بتاريخ : 17/07/2024

العلمُ في زمن الجِهاد

لطالما كانت هذه المُفارقة الكبيرة بين جُهد العالِم وجُهد المجاهد، موضع مفاضلة دائمة عبر التاريخ. وعند تتبُّع السّياق في سورة آل عمران نجدُ أنّها منذ افتتاحها مروراً بمشاهد غزوة بدر حتى خاتمتها لم تبتعد عن أجواء العِلم وأهمّيّته. ومن يستقرئ مجموعَ آيات الجهاد وآيات العلم طلباً وتعليماً وعملاً يُوقن بأنَّ اللهَ يرفع الذين آمَنُوا وأوتُوا العِلم درجاتٍ. كمَا لا يُنكر أحدٌ أنّ غبارَ الرَباط يُساوي عبادةَ دَهرٍ، فما بالك بأجر المجاهد والشهيد؟

 

إنّ ما أردتُه في هذا المقام، تذكيرُ نفسي وإخوتي العاملين في الميدان بأنّ الزُّهد في العلم في زمن الجهادِ بتعليل التّفرُّغ للعمل الإغاثيِّ وغيره قد يكون مظنّة سوء ترتيب للأولويّات وفهم الواقع. لأنّ الجاهل أشدُّ فتكاً على أمّته من العدوِّ الظّاهر.

 

لقد سبقنا أهل غزة - لله درّهم- فعلِموا وعلّموا ثم عمِلوا بما تعلَّموا. سبقونا في حفظ القرآن والعمل به، سبقونا في فهم آيات الجهاد وعملوا بها، سبقونا في فهم أحاديث الجهاد والعمل بها،

 

وسبقونا في فقه الجهاد؛ فكانوا نِعم المجاهدين الصّامدين الذين أحيَوْا أمجاد عظماء تاريخنا في زمن تخاذل فيه العالم عن نصرتهم . ولكن عندنا - ونحن جبهة الإمداد والإسناد- نجدُ زهداً في أقلّ تكاليف القراءة وطلب العلم بحجّة التّفرّغ لما هو أهمّ. وفي الحقيقة لا أهمّ من وجوب تشبّع كلّ عامل في الميدان بما يلزمه من علم يؤهّله للعمل على بصيرة، وفي زمن الجهاد يكون هذا أولى. ومن لم يفعل ذلك فليرجع خطوة إلى الوراء ويعيد تعليم نفسه حتى يكون نعم السّند والمدد لإخوانه في ساحات الجهاد، ولا يكون مظنّة فتنة أو غفلة على أقلّ تقدير.

 

عُودوا يرحمكم الله، تشبّعوا من معاني سور الأنفال والقتال، ادرسوا فقه الجهاد وفق أصوله لتحرير البلاد والعباد؛ فدِماء الشّهداء ومداد العلماء يصبَّان في نهر واحد.