هل لديك وقت وطاقة؟
محمد عمر المصري
أنت مطالبٌ - مثلي ومثل غيري - بإنجاز مهام عديدة، والمحافظة على مكتسبات حيوية، والقيام بمسؤوليات لا تنتهي حتى تظهر غيرها، وكل هذه المهام وتلك المكتسبات والمسؤوليات تحتاج منا إلى شيئين، ثالثهما التوفيق بلا شك، هما الوقت والطاقة أو القدرة، فإذا أحرزت الاثنين هانتْ تلك المهام ولانت بين يديك، وإذا حظِيت بالثلاثة، فدونك الحياة هنيئة طيبة!
ولنأخُذ حالة وسطًا لإنسان في الأربعينيات من عمره، يحاول أن يوازن بين مهامه ومكتسباته ومسؤولياته بالقدر الذي يحفظ له كرامته، وصحته وعبادته واجتماعياته، هذا المسكين لديه عمل يومي يقتات منه هو ومَن يعول، وعليه أن يحافظ على صحته البدنية والذهنية أو النفسية والعقلية قدر الإمكان في زمن ندر فيه الحليمُ الصبور! كما عليه أن يحافظ على مسؤولياته تجاه أهله وأولاده والمجتمع بصفة عامة، مثلما عليه أن يحافظ على صلواته وسائر عباداته.
وقليلٌ هم من يوفَّقون للتوازن بين هذه الأشياء، فأحيانًا نرى المُجِدَّ في عمله مقصرًا في علاقته بربه وبالناس، والعكس أحيانًا يصح، ولولا مداراة يجتنيها المرءُ بين الحين والآخر، لاختلت قدرته البدنية والنفسية أيضًا، وكثيرًا ما تختل هذه القدرات.
والأنكى من ذلك المسكين شخصٌ لديه طموح يكاد ينطلق من بين جوانحه كحصان متربص على بوابة السباق ينتظر أن تُفتح له فيطير كالريح! هذا الطموح يواجهه أعاصير شتى من المسؤوليات والمهام، تجعل صاحبه يركن إلى ظل شجرة، ملجمًا طموحه بعدما عقله في جذعها، ينظر إلى أحداث الحياة وتقلُّباتها، وفي نفسه شيء من الحسرة على مالم يسطع إدراكه، وشيء من الرضا على ما اكتسبه من صحة بدنية ووفرة ذهنية تجعله يتذكر في مسائه ما أكله في ظهيرته!
والأخسر من كل ذلك - المسكين وذي الطموح - إنسانٌ مشتَّت، تراءت له أهداف كثيرة، وطموحات لا حدود لها، على قلة ذات اليد وذات الفهم، فإذا أعجبه نجاح طبيب، قال: يا ليتني كنت طبيبًا، وإذا لفت نظره صوت قارئ قرآن تمنَّى أن يصبح مثل ذلك القارئ، وإذا وجد رجل أعمال ناجح، قال: ليتني كنت مكانه، وإذا رأي محاميًا يصدح في أرجاء المحاكم، أعجبته شخصيته وتمنى لو كان محاميًا، وهكذا يفعل التشتت بصاحبه، فلا يهديه سبيلًا واضحًا، ولا ينير له طريقًا محددًا.
يقول الشاعر:
أرى هدفًا فيُغريني
فأبلغه فلا يغري
والخلاصة أن تنظيم المهام والمسؤوليات وَفق أوقات محددة ومجدولة قدر الإمكان، هو عين الحكمة لمن أراد أن يحيا حياة مستقرة لا تردُّد فيها ولا غموض، حياة الناجحين الموفقين لحسن تدبير وحسن إدارة!
|