... ومن خلال هذا الموضوع تظهر عظيم رحمة الله عز وجل بهذه البشرية ، فلقد اعتنى هذا الدين بالوالدين أهم اعتناء ، فأمر ببرهم والإحسان إليهم ، وجعل عقوقهم كبيرة من الكبائر ، فالمعروف من الفطرة التي فطر عليها الإنسان الإشفاق على الأبناء وحب الخير لهم ورعايتهم من غير توجيه ، بعكس الأبناء فقد يقصرون ويسيئون في حق آبائهم ، لكن الله عز وجل أهتم بأمرهم ، فأوصى بهم وجعل طاعتهم من أعظم العبادات والقربات ، فلو قدم لك إنسان خدمة وإن كانت بسيطة فإنك ستظل ممتناً لهذا الجميل والمعروف ، وتقدم له الخدمات فترة من الزمن، " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان " .
ولكن هل هناك معروف كمعروف الآباء والأمهات الذين تحملوا وتحملوا من أجلك المكارة سنين طويلة سهروا لتنام ، وجاعواfiogf49gjkf0d لتشبع ، وفروا لك كل الطلبات والاحتياجات, وصبروا من أجل راحتك وتمنوا لك الخير ، جاء رجل إلى عمر رضي الله عنه فقال إن لي أماً بلغ بها الكبر وإنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري مطية لها وأوضئها وأصرف وجهي عنها فهل أديت حقها ؟ قال لا ، قال أليس قد حملتها على ظهري وحبست نفسي عليها ، فقال عمر رضي الله نه إنها كانت تصنع ذلك بك وهي تتمن بقاءك ، وأنت تتمنى فراقها".
ومع هذا كله نجد من يتناسى البر والإحسان والمعروف، ولا يقف حتى موقف المحايد مع والديه،بل نجد من الأبناء من يعق ويعصي ويسيء الأدب مع والديه، انطبقت عليهم أبيات الشيخ الكبير الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه سلم يشكوا ولده فقال فيها:
غدوتك مولــوداً وعلتك يافعاً تعلي بما أجري عليك وتنهل
إذا ليلـة ضاقتك بالسقـم لـم أبت لسقمـك إلا شاكيـــاً أتململ fiogf49gjkf0dP>
كأني أنا الملدوغ دونك بالذي لدغت به دوني فعيناي تهمل
فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما فيـك كنت أؤمـل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضـــل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعـل
سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأبيات فدمعـت عيناه
فما رأيك فيمن كان هذا خلقه وأدبه مع والديه. |