الرحمة من صفات المسلم
عبدالله صالح القصير
الرحمة من صفات النبي صلى الله عليه وسلم وإخوانه المرسلين عليهم الصلاة والسلام، ومن صفات أصحابهم وأتباعهم بإحسان، إلى أن يأتي الله بأمره.
وهي من أسباب رحمة الله بالعبد في الدنيا والآخرة، قال تعالى في صفة نبيه صلى الله عليه وسلم: ? لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ? [التوبة: 128].
وأخبر الله تعالى عن رسله من أولهم إلى آخرهم أنهم إنما ينذرون أممهم؛ خوفًا عليهم من العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، فدعوتهم ونذارتهم لأممهم من رحمتهم بهم وشفقتهم عليهم، وفي صفة هذه الأمة المذكورة في التوراة: ? رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ? [الفتح: 29].
وقال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»[1]، وقال صلى الله عليه وسلم: «ارحموا ترحموا»[2]، وقال: «لا تنزع الرحمة إلا من شقي»[3].
قال بعض السلف رحمهم الله تعالى: «وددت لو أن لحمي قرض بالمقاريض؛ وأن الناس أطاعوا ربهم»، وقال آخر: «لو أن لي مالًا لجعلت على كل جبل مناديًا ينادي في الناس: النار النار»، أي: يحذرهم وينذرهم من النار.
فالداعية إلى الله تعالى ينبغي أن يكون رحيمًا بالخلق في كل مقام بحسبه، فيتحرى اللين في خطابه غالبًا، والرفق في النصح والإرشاد، ويجمع بين الترغيب والترهيب في الدعوة إلى الله، ويكون على اهتدائهم وانتفاعهم بدعوته أحرص منه على المعذرة وإقامة الحجة عليهم؛ ولذلك يبذل الجهد في نصيحتهم، ويتحرى أنجح الأساليب التي يظن فيها هدايتهم، ويصبر على أذاهم يبتغي المثوبة من الله تعالى، بل يسوؤه ضلالهم وهلاكهم على الكفر والضلال والفسق والبدع والمعاصي.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الراحمون يرحمهم الله، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»[4]، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يرحم اللهُ من لا يرحم الناس»[5]، وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: "أهل الجنة ثلاثة"... الحديث، وفيه: "ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم"[6].
________________
[1] سبق تخريجه.
[2] جزء من حديث أخرجه أحمد في المسند برقم (1 /165).
[3] أخرجه الترمذي برقم (1923)، وأبوداود برقم (4942)، وأحمد في المسند برقم (7941).
[4] أخرجه الترمذي برقم (1924)، وأبوداود برقم (4941)، وأحمد في المسند برقم (6458).
[5] أخرجه البخاري برقم (7376).
[6] أخرجه مسلم برقم (2865). |