الثبات وأهميته في الدين
الثبات مطلب لكل مسلم، يحرص على تحصيله ويسعى لتحقيقه، لأن الثبات دليل الإيمان الصحيح، وهو طريق الوصول إلى الجنة بإذن الله تعالى، وهو دأب الأنبياء والصالحين، وسمة أهل الحق في كل زمان.
ونحن في زمان أحوج ما نكون فيه للثبات، لظهور الشبهات وتمكن الشهوات، وكثرة الفتن والابتلاءات وتعدد الرايات وتعالي الدعاوي والادعاءات، مع شعور البعض بضعف الإسلام وأهله، وانبهاره بالكفار وقوتهم وتمكنهم وغلبتهم، ولا سبيل لمواجهة كل هذه الأمور إلا بالثبات.
لذلك كان البحث الذي أعدّته الدكتورة وفاء بنت دخيل الله بن عابد الخطابي، ليضع إضاءات على موضوع الثبات من خلال آيات القرآن الكريم.
معاني الثبات في القرآن
الدوام: قال تعالى: ?يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ? (إبراهيم27). أي: يديمهم عليه.
التمكين: قال تعالى: ?يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ? (إبراهيم 27). أي: الذي ثبت عندهم وتمكن في قلوبهم.
التقوية: قال تعالى: ?وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا? (البقرة 250). أي: قوِّ قلوبنا؛ وقال تعالى: ?فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا? أي: قوَّا عزائمهم.
النصرة والمؤازرة: قال تعالى: ?فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا? (الأنفال12) بمؤازرتهم وحضور الحرب معهم والقتال في صفهم.
البشارة: قال تعالى: ?فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا? أي: بشروهم بالنصر.
تسكين القلب: ?مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ?، تثبيت الفؤاد يعني تسكين القلب.
التحقق والتصديق واليقين: قال تعالى: ?وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ? (البقرة 265) أي: أن أنفسهم موقنة ومصدقة ومتحققة من وعد الله إياها.
الحبس: قال تعالى: ?وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ? يعني: ليحبسوك.
الصبر: قال تعالى: ?وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ? (الأنفال 11) أي: يثبت الأقدام بالصبر.
الثبات بمعناه الظاهر وهو الاستقرار والرسوخ في المكان: قال تعالى: ?وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى? قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ? (الأنفال11). والمقصود: تلبيد الأرض بالمطر لتثبت أقدام المؤمنين في السير عليها فلا تسوخ ولا تتحرك فتضطرب.
دلائل من الكتاب والسنة على أهمية الثبات???????
أمر الله تعالى بالثبات عند لقاء الأعداء، فقال عز وجل: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ? (الأنفال 45).
أثنى سبحانه وتعالى على من مضى قبلنا لما سألوا الثبات فقال سبحانه: ?وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ? (البقرة250).
حذّر سبحانه من الزلل بعد الثبات، وذمَّ قومًا زلوا بعد ثباتهم، فقال سبحانه: ?وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا? (النحل 94).
كثرة دعاء النبي ? وسؤاله ربه الثبات، وهو المعصوم ?، فقد كان من أكثر دعاء النبي ?: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك».
الحاجة الماسة للثبات لاسيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن، فأصبح المرء لا يأمن على نفسه الفتنة، كما قال ?: «بادروا بالأعمال، فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا، ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا».
حاجة الإنسان للثبات في كل أمره، قولًا وفعلًا ورأيًا وقلبًا وقدمًا، في الدنيا والآخرة، لذلك فهو يردد في كل ركعة من كل صلاة: ?اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ? (الفاتحة: 6).
أن الثبات أصل من أصول الدين العظيمة، قال ابن القيم: «الدين مداره على أصلين: العزم، والثبات؛ وهما الأصلان المذكوران في الحديث الذي رواه أحمد والنسائي عن النبي ?: «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد». |