حسن الخلق: تزكية وعبادة ودعوة إلى الله
احمد محمد الشيبة
يشكو الكثير من العامة من خشونة أخلاق بعض المتدينين الذين يقصرون التدين على أداء الشعائر، وربما يصيب بعضهم غرور التدين فيعتقدون أنهم
أفضل من الآخرين وينظرون إلى الآخرين باحتقار، فتنعكس هذه النظرة على تعاملهم معهم. وأحياناً يكون الدافع وراء سوء خلق بعض المتدينين الحرص على الابتعاد عن البيئة السيئة واجتناب مخالطة غير المتدينين، والمبالغة في هذا الاجتناب تولد صورة خاطئة عن التدين وأخلاق المتدينين. والمسلم الحق يخالط الناس ويخالقهم بخلق حسن ويحافظ على تدينه وإذا أحسنوا أحسن معهم وإن أساءوا تجنبهم وقت الاساءة وحاول صرفهم عنها بقدر المستطاع مع إظهار الحب لهم والحرص على مصلحتهم في الدنيا والآخرة وبدون تعالٍ واحتقار. فالكثير من مسالك التدين الاعتزالي ولدت صورة قاتمة عن التدين والمتدينين وتحولت إلى وسيلة للصد عن سبيل الله، ومعظم ذلك من نتاج التدين المنحرف، فحسن الخلق وثيق الصلة بالتدين الحقيقي.
فعلى المتدين الذي يجد في طبعه بعض الخشونة والجلافة أن يجاهد نفسه على حسن الخلق، فحسن
الخلق تزكية وعبادة ودعوة إلى الله، و التزكية الحقيقة لا تورث الحرص على التعالي على الآخرين بل تدفع إلى التواضع" تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" وتورث الحرص على العدل ولو مع أقوام بيننا وبينهم عدواة وتورث الحرص على البر والقسط ولو مع من يخالفنا في الدين ولا يحاربنا" لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ? إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" وتأمرنا أن نقول للناس كل الناس قولاً حسنا"وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً" وأن نخالق الناس بأخلاق حسنة. وحري بمن ينسب نفسه إلى التدين أن يجاهد نفسه على الأخلاق الحسنة وأن يجعل قدوته صاحب الخلق العظيم وأن يعلم أن حسن الخلق تزكية وعبادة ودعوة إلى الله. |