تمت الإضافة بتاريخ : 12/09/2021

حمد الله وشكره

أ‌. د / أيمن مهدى

عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله ?:«إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا».

- الأهداف الإجرائية والسلوكية:

1- أن يوضح الدارس معنى حمد الله وشكره.

2- أن يعتاد الدارس على حمد الله بعد طعامه وشرابه.

3- أن يذكر الدارس الثواب المترتب على الحمد.

4- أن يذكر الدارس آداب الطعام والشراب.

5- أن يعتاد الدارس تطبيق هذه الآداب.

- تخريج الحديث:

أخرج هذا الحديث:

مسلم في صحيحه كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب 4/2095 رقم: 2734.

- الراوي الأعلى للحديث:

هو الإمام المفتي المقرئ المحدث راوية الإسلام: أنس بن مالك بن النضر ابن ضمضم النجاري الخزرجي الأنصاري، أبو حمزة المدني، خادم رسول الله ?، وتلميذه، وتابعه .

وُلِد بعد البعثة بثلاث سنين، وقَدِم رسول الله ? المدينة وهو ابن عشر سنين، وأمه أم سُلَيم بنت ملحان، وزوج أمه أبو طلحة الأنصاري .

لما قَدِم النبي ? المدينة أخذته أمه وانطلقت به إلى النبي ? وقالت له: يا رسول الله هذا أُنس ابني أتيتُك به يخدُمُك فادع الله له فقال: «اللهم أكثر ماله وولده»( ).

وقد استجاب الله عز وجل دعاء نبيه ? يقول أنس رضى الله عنه: فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي يتعادون – أي يبلغ عددهم – على نحوٍ من مائة اليوم( ).

خدم النبي ? عشر سنين، ونشأ في بيت النبوة، وتأدَّب بآداب رسول الله ?، وشاهد ما لم يشاهده غيره.

وكان النبي ? يخُصُّه ببعض العلم( ) لقربه منه، كما اطَّلع على ما لم يطَّلع عليه غيره بحكم خدمته لرسول الله ? فروى أن النبي ? طاف على تسع نسوه في ليلةٍ بغسلٍ واحد( ).

ووقف من أحوال النبي ? وأفعاله على الشيء الكثير، ولازمه أكمل الملازمة منذ هاجر وإلى أن مات، وغزا معه غير مرة، وبايع تحت الشجرة( ).

وقد شهد أنس رضى الله عنه بدرًا صغيرًا يَخْدُمُ النبي ?، وشهد ما بعدها من المغازي، وكان مجتهدًا في العبادة حتى قال ثمامة: كان أنس رضى الله عنه يُصَلِّي حتى تقطر قدماه دمًا مما يطيل القيام( ).

وكان شديد التمسُّك بالسنة حريصًا على الإقتداء برسول الله ?.

قال أبو هريرة رضى الله عنه: ما رأيتُ صلاة أحدٍ أشبـه بصلاة رسول الله ? من ابن أم سليم يعني أنسًا ?( ).

وقال تلميذه أنس بن سيرين: كان أنس بن مالك رضى الله عنه أحسن الناس صلاةً في الحضر والسفر( ).

روى عن النبي ? أحاديث كثيرة حتى عُدَّ أحد المكثرين من رواية الحديث، حيث تبلغ جملة الأحاديث التي رواها (2286) حديثًا، اتفق الشيخان منها على (318) حديثًا، وانفرد البخاري بثمانين، ومسلم بسبعين.

وقد روى عن كثيرٍ من كبار الصحابة رضوان الله عليهم كأبي بكر رضى الله عنه، وعمر رضى الله عنه، وعثمان رضى الله عنه، وابن مسعود رضى الله عنه، وأبي ذر رضى الله عنه، وأبي هريرة رضى الله عنه، وعائشة وغيرهم.

كما روى عنه خلقٌ كثير من أعلام التابعين من أشهرهم: الزهري، وسعيد ابن جبير، والأعمش، والشعبي، ومكحول، وقتادة وخلقٌ كثيرٌ سواهم.

امتدَّ عمر أنس رضى الله عنه، وطالت حياته، وشُدَّت الرحال إليه، وقصده طلاب العلم من كل مكان، وجلس للتحديث والإفتاء، ولحقته بركة دعاء النبي ?.

فعن أنس رضى الله عنه قال: دخل النبي ? على أم سليم – يعني أمه – فأتته بتمرٍ وسمن فقال: «أعيدوا تمركم في وعائكم وسمنكم في سقائكم فإني صائم» ثم قام في ناحية البيت فصلَّى بنا صلاةً غير مكتوبة فدعا لأم سليم وأهل بيتها فقالت: يا رسول الله إن لي خُويصة قال: «وما هي؟» قالت: خادمك أنس، فما ترك خير آخرةٍ ولا دنيا إلا دعا به، ثم قال: «اللهم ارزقه مالًا وولدًا وبارك له فيه».

قال أنس رضى الله عنه: فإني لمن أكثر الأنصار مالًا، وحدَّثتني أمينة ابنتي: أنه دُفِن من صلبي إلى مقدم الحجاج البصرة تسعة وعشرون ومائة( ).

وعن أنس رضى الله عنه قال: دعا لي رسول الله ?ثلاث دعوات قد رأيتُ منها اثنتين في الدنيا وأرجو الثالثة( ).

أما الدعوتان اللتان رآهما في الدنيا: فكثرة المال والولد، مع البركة فيهما، وأما الدعوة الثالثة فهي مغفرة الذنوب.

ففي طبقات ابن سعد أن النبي ?دعا له فقال: «اللهم أكثر ماله وولده وأطل عمره واغفر ذنبه»( ).

وقد كثُر أولاد أنس رضى الله عنه حتى دُفِن في حياته من صلبه أكثر من مائةٍ وعشرين وخلف بعده قرابة المائة، وكثر ماله وبارك الله  له فيه.

قال أبو العالية: خدمه عشر سنين، ودعا له، وكان له بستانٌ يحمل في السنة الفاكهة مرتين، وكان فيها ريحانٌ يجئ منه ريح المسك( ).

وعن ثابت البناني قال: جاء قيَّمُ أرض أنس رضى الله عنه فقال:عطشـت أرضنا، قال فقام أنس رضى الله عنه فتوضَّأ وخرج إلى البرية فصلَّى ركعتين ثم دعا، فرأيتُ السحاب يلتئم حتى أمطرتْ حتى خُيِّل إلينا أنها ملأت كل شيء وذلك في الصيف فلما سكن المطر بعث

أنس رضى الله عنه بعض أهله فقال: انظر أين بلغت السماء؟ فنظر فإذا هي لم تَعْدُ أرضه إلا يسيرًا ( ).

قال الحافظ الذهبي: هذه كرامةٌ بيِّنة ثبتت بإسنادين، ومناقب أنس رضى الله عنه وفضائله كثيرة جدًا( ).

توفِّي أنس رضى الله عنه سنة ثلاثٍ وتسعين، وعمره مائة وثلاث سنين، وكان آخر الصحابة موتًا بالبصرة.

قال قتادة: لمَّا مات أنس رضى الله عنه قال مورق: ذهب اليوم نصف العلم قيل له: كيف ذلك؟ قال: كان الرجل من أهل الأهواء إذا خالفنا في الحديث قلنا: تعال إلى من سمعه من النبي ?( ).

- معاني المفردات:

الرضا: ضد السَّخَط وهو من صفات القلوب.

الأكلة: بفتح الهمزة وسكون الكاف هي: المرة الواحدة من الأكل حتى يشبع، وبضم الهمزة: اسمٌ للقمة الواحدة، وبكسر الهمزة هي: هيئة الأكل.

فيحمده: الحمد نقيض الذم، وحمد الله  هو: الثناء عليه، وحمد الله  للعبد معناه رضاه عنه وإثابته وإدخاله جنته.

الشربة: بفتح الشين وسكون الراء وهى المرة الواحدة من الشرب.

- المعنى الإجمالي للحديث:

خلق الله  الإنسان بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، ووهب له السمع والأبصار والأفئدة، وطلب منه القيام بعبادته وشكره، ووعده الجنة إن إطاعه، وتوعَّده بالنار إن عصاه، وشرع له ما يصلح حاله، ويحفظ عليه صحتة، ويُمَكِّنُه من أداء مهمته في الأرض، وهو أعلم به من نفسه، وحرَّم عليه كل ضار وخبيث، وتعبَّده بتناول الطيِّبات، وترك الخبائث والمحرَّمات.

والمسلم يعلم أن الطعام والشراب وسيلة لا غاية من أجل الحفاظ على البدن الذي يعبد ربه بواسطته، فهو يتناول منه ما يكفى لهذا القدر مقتديًا بالرسول ?وصحابته الكرام، وهو يعلم أن الله  يرضى عن عبده حينما يعلم أن الطعام والشراب نعمة من الله  وفضلٌ يستوجب شكره بالقلب واللسان والجوارح والأركان فيجمع مع تلذُّذِه بالطعام: طاعة الرحمن ، ونيل رضاه.