تمت الإضافة بتاريخ : 27/06/2021

لأنّها الصّلاة

أنس جمعة حشيشو

حلّقت وحدها في ملكوت الله وعالي سماواته..

هديّة الله لعباده وصلته بهم، نزلت مِن سدرة المنتهى، مع أشرف المرسلين..

يهمسُ في صدور من أحبّ أن يُنوّر قلوبهم، ويُنير دروبهم، ويُجدّد معه صِلتهم بِـ: أرحنا بها يا بلال.

هي فيصلٌ بين كُفر العلاقة مع الرحمن وبين التّصديق والإيمان، بأنّ هذا الملكوت وتصريفه بيد عظيمٍ واحدٍ، فذاك خبر المصدوق: بين المؤمن والكافر ترك الصلاة.

نعم، هي أساس حياتك أيّها المسلم، وعِماد خيمة قلبك.

هي الحبل السِّريّ بين جنين قلبك وهمسات الرحمن.

حين يشتدُّ الوجع وتضيق الدنيا وتغلَّق الأبواب لا نجد إلَّا الصّلاة، خير ملاذٍ لتهدئة النفس وتسكين جراحها والبوح بشكوى القلب وسماع أنينه وطلب العون.

رُكنك الرّكين؛ الّذي لا ينفكّ عنك مادامت الرّوح في ثنايا الجسد، تُعينك وتُعطيك المدد منه سبحانه في كلّ يومٍ وليلةٍ خمس مرّاتٍ، تُلملم بها شعثك، وتسْكُن إليها روحك، ويطمئنّ بها فؤادك.

ما أروع تلك اللحظات، تأنس فيها بطِيب اللقاء، وتسعد بلذة القرب بين يديه وأنت ساجدْ، فأقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد.

تغفل عن كلّ الوجود؛ لتغرق في بحر العطاء، في لحظةٍ لا يشوب صفاءُ مشهدها أيّ حادثٍ دنيويٍّ أو شاغلٍ، تتلاشى لغة الوقت وضربات السّاعة في صمت المناجاة، وهدوءٌ يعتلي سويداء القلب..

هي المُهذّبة المُرشدة، الّتي قال في وصفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-بِحقّ السارق- دعوه إنَّ الصلاة ستنهاه.

هي الصِّلة الحقيقية التي لو تحقّقت بهيئاتها وخشوعها قام الإسلام بجوارحك، واستقرّ بُنيانه في قلبك،

هي بوابّة المناجاة، وطريق الوصول.

نعم.. اسمعها جيّداً، فهي تُناديك لتضبط البوصلة في مسيرة يومك، باتجاه: اهدنا الصراط المستقيم،

تُرشدك إلى طريق الذين أنعم الله عليهم، وتحميك من طريق المغضوب عليهم والضّالّين.

تُضيء بعباراتها الخواتيم، وصولاً إلى طريقٍ مكتوبٍ في نهايته: قد أفلح المؤمنون

هيَّا يا قلبي لنصلّي قبل فوات الأوان..

آن لك أن تخجل من الله على ما فرَّطت في جنبه، فكم حُرمت الوصل حين فرَّطت في الصلاة،

نعم، صَدَقوني القول حينما قالوا:

من خان حيَّ على الصّلاة.. خانته حيَّ على الفلاح

خجِلٌ من نفسي حينما يُنادى للصلاة، دون استجابةٍ منّي.

سأعود يا ربّ.. سأعود لأُرتّب أوراق قلبي بين يديك.

سأعود لأُجدِّد العهد معك، وأشعُر بطيب الوصل.

سأعود لتسمو روحي في ملكوت توفيقك، غارقة بأنعمك ورضاك.

أُسارع الخُطى، وأتلهّف بشوقٍ، أن تسمع ندائي، فأشعر بطمأنينة (لبّيك وسعديك والخير بين يديك).

سأُقيم الصَّلاة فيَّ ما حييت، نعم وأفِرُّ بها إليك؛ لتنطق كلَّ جوارحي فتقول: وعجلت إليك ربي لترضى.