تمت الإضافة بتاريخ : 22/06/2021

الأشهر الحرم تعريفها وخصائصها

ما هي الأشهر الحرم؟

اختص الله سبحانه وتعالى هذه الأمة بأزمنة فاضلة وأمكنة مباركة، منها الأشهرٌ الحرم، يقول الله سبحانه وتعالى:

 

(إِنَّ عِدَّةَ ?لشُّهُورِ عِندَ ?للَّهِ ?ث?نَا عَشَرَ شَه?ر?ا فِي كِتَ?بِ ?للَّهِ يَو?مَ خَلَقَ ?لسَّمَ?وَ?تِ وَ?ل?أَر?ضَ مِن?هَا? أَر?بَعَةٌ حُرُم?? ذَ?لِكَ ?لدِّينُ ?ل?قَيِّمُ? فَلَا تَظ?لِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُم??) [التوبة: 36]

 

فقد حرمها الله تعالى وعظمها، وما عظمه الله سبحانه نعظمه، وتعظيم هذه الأشهر الحرم من تعظيم حرمات الله تعالى، قال تعالى

(وَمَن يُعَظِّم? حُرُمَ?تِ ?للَّهِ فَهُوَ خَي?ر? لَّهُ? عِندَ رَبِّهِ??) [الحج: 30]

 

يقول الإمام الماوردي رحمه الله في تفسيرها: يكون تعظيم حرماته أن يفعل الطاعة ويأمر بها، وينتهي عن المعصية ويَنهى عنها. [النكت والعيون: 4/21] ، فعلى المسلم أن يعظم حرمات الله وشعائر الله، ويتجنب الوقوع في الذنوب والمنكرات خصوصاً في هذه الأشهر، فإن تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب، كما في قوله عز وجل

(ذَ?لِكَ? وَمَن يُعَظِّم? شَعَ??ئِرَ ?للَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَق?وَى ?ل?قُلُوبِ) [الحج: 32]

 

وهذه الأشهر الحرم هي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، كما في الصحيحين عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وأله وسلم قال:

 

إنَّ الزمانَ قد استدارَ كهيئتِه يومَ خلقَ اللهُ السماواتِ والأرضَ، السنةُ اثنا عشرَ شهرًا، منها أربعةٌ حرمٌ، ثلاثٌ متوالياتٌ: ذو القَعدةِ وذو الحَجةِ والمحرمُ، ورجبُ مضرَ الذي بين جُمادى وشعبانَ. [صحيح البخاري: 5550]

 

مضاعفة الأجر والثواب فيها:

تضاعف في الأشهر الحرم الحسنات، والعمل الصالح يتميز خلالها بمذاقٍ أكثرَ طيباً، لأن الأجر فيها مضاعفٌ والثمنَ أكثر والعطاءَ من الله تعالى فيها غَزِيرٌ، قال قتادة رحمه الله تعالى: "إن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلاً، ومن الناس رسلاً، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظّم الله، إنما تعظيم الأمور بما عظّم الله به عند أهل الفهم وأهل العقل". [تفسير ابن كثير: 4/148]

 

النهي عن الظلم فيها:

وكذلك حذَّر الله سبحانه وتعالى فيها من الذنوب والآثام حيث قال:

 

(فَلَا تَظ?لِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُم??) [التوبة: 36]

 

لأن الذنب فيها مضاعف ومعظم، قال قتادة: (إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء). [تفسير ابن كثير: 4/148]

تعظيم شعائر الله:

من موجبات تعظيم الله سبحانه: تعظيم حدود الله بترك ما حرمه، وتعظيم نبيه وحبيبه وجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وتعظيم كتاب الله القرآن الكريم، وتعظيم حرمة المؤمن برعاية حقوقه والحذر من انتهاك أعراضه والتعدي عليه، وتعظيم المقدسات الإسلامية كالمساجد وأضرحة الأنبياء وأولياء الله الصالحين، بل الآثار التي تنتسب إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والأولياء الصالحين أيضاً.. كلها تدخل في شعائر الله تعالى، كما أن الصفا والمروة أصبحتا من شعائر الله تعالى بعد أن طافت بهما السيدة هاجر رضي الله تعالى عنها، حيث قال جل وعلا في محكم تنزيله:

 

(إِنَّ ?لصَّفَا وَ?ل?مَر?وَةَ مِن شَعَا?ئِرِ ?للَّهِ?) [البقرة: 158].

 

وتعظيم هذه الأشهر الحرم أيضاً من موجبات تعظيم الله تعالى، لما لها من حرمة عظيمة، ومنزلة رفيعة، وهي فاضلة وكريمة، اختصها الله سبحانه وتعالى من بين سائر شهور العام، وأمر بتعظيمها، ونهى عن هتك حرمتها، فهذا نداء رب العالمين لعباده المؤمنين:

 

(يَ??أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَ??ئِرَ ?للَّهِ وَلَا ?لشَّه?رَ ?ل?حَرَامَ وَلَا ?ل?هَد?يَ وَلَا ?ل?قَلَ??ئِدَ) [المائدة: من الآية 02]

 

قال عطاء: شعائر الله حرمات الله واجتناب سخطه واتباع طاعته [تفسير البغوي: 2/8].

خصائص الأشهر الحرم:

تميزت هذه الأشهر الحرم عن غيرها من الشهور بخصائص وسمات، منها:

 

وجوبُ احترامها والابتعاد فيها عن المعاصي والآثام لقول الله تعالى

(فَلَا تَظ?لِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُم??) [التوبة: 36]

 

يقول أبو الليث السمرقندي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية الكريمة: فنهاهم الله عن ظلم أنفسهم بالسيئات والخطايا. [بحر العلوم: 1/202]

احتوائها على عبادات وفضائل لا توجد في غيرها، منها:

الركن الخامس من أركان الإسلام الحجّ: تقع أعمال الحج كلها في شهر ذي الحجة.

العشر الأوائل من ذي الحجة: وهي أيام أقسم الله سبحانه وتعالى بها، ووصفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا.

الأيام الفاضلة: تأتي في الأشهر الحرم عدة أيام عظيمة كيوم عرفة، ويوم النحر، ويوم القر، وأيام التشريق، وعيد أهل الإسلام، وفي شهر المحرم يوم عاشوراء، وهذه الأيام مباركة ومعظمة، ورد العديد من فضائلها وخصائصها في القرآن الكريم والسنة النبوية.

من هنا تتجلى أهمية هذه الأشهر ومكانتها العظيمة، فينبغي للمسلم أن يحترمها ويعظّمها ويغتنمها في التزود بما يمكن له من أعمال البر والطاعة، ويُقبل فيها على موائد الخيرات وحدائق القُرُبات، ويتجنب الوقوع في المعاصي والسيئات، ويجتهد من الآن في الإكثار من الطاعات والمبرات..

 

نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد، واغتنام هذه المواسم العظيمة بكثرة الاستغفار والحسنات، والتزود لما بعد الممات،

 

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم المعاد، والحمد لله رب العالمين.