من بر الوالدين نظرة الرحمة إليهما
البر كلمة جامعة لكلِّ صفات الخير، لا يحقر المؤمن من بر والديه شيئا، حتى النظرة الرحيمة إليهما، فقد جاء عن أفضل الخلق أخلاقا وأحسنهم أدبا أحاديث كثيرة تجلي مكانته في ديننا الحنيف، نسوق لكم بعضها تذكيرا بفضله وحثا وترغيبا على فعله، عل الله سبحانه وتعالى ينظر بعين الرحمة لمن يرحم والديه فيبلغه بها منازل الصالحين.
أخرج البيهقي رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة، إلا كتب الله له بكل نظرة حجة مبرورة”، قالوا: وإن نظر كل يوم مائة مرة؟ قال: “نعم. الله أكبر وأطيب”.
وأخرج البيهقي رحمه الله عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا نظر الولد إلى والده فسُرَّ به، كان للولد عتق نسمة”، قيل: يا رسول الله، وإن نظر ثلاثمائة وستين نظرة؟ قال: “الله أكبر من ذلك”.
وأخرج الحاكم، وصححه، والبيهقي رحمهما الله عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا رسول الله، إني أذنبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألك والدان؟ قال: لا. قال: ألك خالة؟ قال: نعم. قال: فبرها إذن”.
وأخرج البيهقي رحمه الله عن أم أيمن رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بعض أهل بيته فقال: “لا تشرك بالله وإن عذبت وإن حرقت، وأطع ربك ووالديك وإن أمراك أن تخرج من كل شيء فاخرج، ولا تترك الصلاة متعمدا، فإنه من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله، إياك والخمر، فإنها مفتاح كل شر، وإياك والمعصية، فإنها تسخط الله، لا تنازعن الأمر أهله وإن رأيت أنه لك، لا تفر من الزحف، وإن أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت، أنفق على أهلك من طولك، ولا ترفع عصاك عنهم وأخفهم في الله عز وجل”.
وأخرج الإمام أحمد والبخاري في الأدب، وأبو داود وابن ماجة والحاكم، وصححه، والبيهقي رحمهم الله عن أبي أسيد رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: “يا رسول الله، هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: نعم خصال أربع: الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما”.
وأخرج البخاري رحمه الله في الأدب، ومسلم وأبو داود والترمذي وابن حبان والبيهقي رحمهم الله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي الأب”.
وأخرج البخاري رحمه الله في الأدب عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: “والذي بعث محمدا بالحق، إنه لفي كتاب الله، لا تقطع من كان يصل أباك، فتطفئ بذلك نورك”.
وأخرج الحاكم والبيهقي رحمهما الله عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لرجل من العرب كان يصحبه يقال له عفير: يا عفير، كيف سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الود؟ قال: سمعته يقول: “الود يتوارث، والعداوة كذلك”. |