تمت الإضافة بتاريخ : 14/05/2017

برنامجي في رمضان

المصطفى حمور

شهر رمضان شهر البركات والخيرات والتوبة، وتجديد الصلح مع الله، وطلب غفرانه وإحسانه وعِتْق رِقابنا من النار. شهر لا تنتهي فضائله ولا تنقضي أنواره.

والمؤمن الموفق القاصد من يقبل على الله في كل وقت وحين. ويستغل المناسبات ويستثمر الفرص السانحات.

وهذه أعمال معالم مباركات أحرص عليها في رمضان. حتى أستفيد منه استفادة كاملة واغتنم هذه الفرصة الثمينة وهذه المحطة الإيمانية الضخمة من أجل التزود الإيماني والتقوت القلبي والعملي.

1- تجديد النية وإصلاح البال

واجعل الأعمال التعبدية والعبادية، الفردية والجماعية… كلها سواء لله تعالى. فرمضان لله. “وأنا أجزي به” هكذا ورد في الحديث. رمضان لله. اجتهد كل الاجتهاد أن تكون كل الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة في رمضان أن تكون لله تعالى.

قال ابن المبارك رحمه الله: رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية).

2- المحافظة على الصلوات الخمس في المسجد مع الحرص على الرواتب القبلية والبعدية

فخير الأعمال كما قال صلى الله عليه وسلم الصلاة على وقتها.

3- الحرص اليومي على صلاة التراويح

عن أبي هريرة أن رسول اللَّه قال: “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” 1 .

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هذين الجهادين وُفِّي أجره بغير حساب).

4- الاجتهاد في تعميق الصلة بالقرآن الكريم

قراءة وتدبرا وعملا وفهما.

والضعيف المتكاسل من يختم كتاب الله مرة واحدة في رمضان (بمعدل حزبين كل يوم لمن أراد ذلك). وإلا فالمطلوب ختمه مرات ومرات والقرآن الكريم كلام الله وكفى.

5- الذكر الكثير والدعاء الدائم

ليكن لساني رطبا بذكر الله تعالى إكثارا من قول “لا إله إلا الله” والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستغفار بالأسحار. ومن الأوقات المندوب للذكر فيها بعد الفجر. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس الحسناء كما في حديث الإمام مسلم رحمه الله.

والدعاء هو العبادة. وللصائم دعوة لا ترد. دعوة للنفس وللوالدين، ولعائلتي وأحبابي ولجميع المسلمين والمسلمات وأن ينصر الله هذا الدين.

6- التخلق بأخلاق رمضان: فلا كلام قبيح ولا صخب ولا فجور ولا نميمة ولا غضب

روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: “من لم يدع قول الزور والعمل به فلا حاجة لله في أن يدع طعامه وشرابه”.

الصيام حقا صيام السر بانشغال القلب بالله تعالى وألا يلتفت عنه سبحانه. ومن الصيام الحقيقي صيام الجوارح. صوم اللسان فلا حصائد، وصوم الأعين فلا خيانة، وصوم القلوب مما تخفي الصدور…

قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: “قَالَ اللهُ: كُلُ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِيَامَ فَإِنَهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ، فإِنْ سَابَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَذِي نَفْسُ مُحَمَدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّه مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ” 2 .

7- حضور مجالس العلم والإيمان

مجالس العلم والإيمان وحلق الذكر والمذاكرة بها يقضي الله الحاجات، وتتنزل فيها الرحمات، وتغشاها السكينة وتحفها الملائكة. فخير المجالس ما اجتمع فيه على ذكر الله، وبها ينجمع شتات المسلم على الله.

مجالس الصالحين تزكية للقلب فيصفو ويطهر، وتربية للعقل بالعلم النافع حتى يكون حكيما، وتدريبا للجوارح على العمل الصالح وخدمة الناس في الخير.

ومع المجالسة الدائمة في محاضن الذكر والمحبة والعلم، يفتل في مقصودها زيارةُ واستزارةُ إخواننا المومنين وتفقدُ أحوالهم والسؤالُ عنهم، زيادة في المحبة وتعميقا للوصال.

8- الاعتكاف فرصة للتفرغ للعبادة والارتقاء الايماني

قالت عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده” 3 . فالعشر الأواخر من رمضان، تضاعف فيها الأعمال، وفيها ليلة القدر، خير من ألف شهر، فهي سنة جليلة، مناسبة عظيمة، لاستمطار الرحمات، وصقل القلوب، وتجديد العهد مع الله.

وهدى الله حكام المغرب أن يفتحوا المساجد للاعتكاف والاجتماع على ذكر الله تعالى. وأن يكفوا عن منع عباد الله من غشيان بيوت الله والاعتكاف فيها.

9- الجود والكرم والعطاء

ومن صنائع الخير في رمضان: إفطار الصائم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من فطَّر صائماً، كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً” 4 . وإفطار الصائم فيه تراحم وتواد بين المؤمنين، وصلة للأرحام، وتعاون على البر والتقوى، وإحسان بالمساكين والفقراء.

10- أن أكون سببا في هداية شخص للتوبة

القلوب في رمضان مستعدة لسماع كلمة الخير آذان الروح منفتحة على ينفث فيها خبر لقاء الله تعالى. فينبغي للصائم المومن أن يرشح نفسه للتعرض لهذا الخير وهو الدلالة على الخير.

وأبسط الدعوة وأعمقها أن تلق الناس وفي قلبك كل الخير لهم. وتتمنى لكلِّ من تراه أو تلقاه أن يكون صالحا وداعيا إلى الله. ثم تتدرج معهم وتدرج بينهم، فتبتسم في وجوههم. ثم الكلمة الطيبة: “السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”، على من تعرف ومن لا تعرف، حتى تعرف ويعرفك الجميع. والسلام سلام ونشر لمعاني الثقة والأنس والاهتمام. وبعد الإيناس كلمة حكمة تلقيها لعلها تكون بذرة خير تغرسها وتتعهدها بالسقي والري. وهو التفقد المستمر والسؤال الدائم عن أحوال المدعو المادية والمعنوية، والتوجيه اللطيف وإشراكه في أعمال الخير، والدخول معه في كل خير، والدعاء له بالثبات والاستقامة. أن يكون صديقا لك وصاحبا. حتى يكون شجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. يأتيك خراجها كل حين ولو بعد حين.

واحذر أخي الصائم الأمور التالية فإنها تخصم من روحانية الصيام:

– الإفراط في الطعام وإتخام المعدة بشتى الأصناف. فلا تهتم بالأكل، يكفيك ما يسد الرمق ويقيم الصلب.

– الانشغال بالتلفاز والانترنيت والجلوس الساعات الطوال. فهذا هو داء الغفلة والران.

– السهر بالليل مهلكة للجسم وشرود بالنهار. خذ قسطك من النوم ولا تنشغل عن نومة القبر.

– إياك ثم إياك من شهوة اللسان، فمن معاني الصيام إمساك اللسان وصونه. وإن اشتغل اللسان فبذكر الله لا يفتر، والنصيحة بالتلطف بإخوانك المسلمين.

– من لم تظهر نتائج الصيام في سلوكه، فليعلم أنه إنما جاع وعطش، وربما أصاب الفرض، لكن فاته الفضل.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل رمضان حقا وصدقا.

[1] متفق عليه.\

[2] رواه البخاري والبيهقي والنسائي.\

[3] البخاري.\

[4] قال الترمذي: حسن صحيح.\