تمت الإضافة بتاريخ : 30/01/2017

نماذج وقصص عن بر الوالدين

بر الوالدين هو وصية الأنبياء عليهم السلام، فهذا خليل الرحمن سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء وإمام الحنفاء يخاطب أباه بالرفق واللطف واللين - مع كفره وعناده - حين يناديه: "يا أبت".

حين دعاه لعبادة الله الواحد الديان، وترك الشرك والضلال.

ولما أعرض وأبى.. هدده بالضرب والطرد؛ فكان الرد الجميل: ? قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ? [مريم: 47].

وأثنى الله على يحيى بن زكريا - عليهما السلام -: ? وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ? [مريم: 14].

وهؤلاء أحبوا النبي صلى الله عليه وسلم فنفذوا وصيته:

• أبو هريرة رضي الله عنه:

كان إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال: السلام عليكم يا أماه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك السلام يا ولدي ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيرًا، فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيرًا.

• عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

طلبت أمه في إحدى الليالي ماء، فذهب ليجئ بالماء فلما جاء وجدها نائمة، فوقف بالماء عند رأسها حتى الصباح، فلم يوقظها خشية إزعاجها، ولم يذهب خشية أن تستيقظ فتطلب الماء فلا تجده.

• ابن الحسن التميمي:

يهم بقتل عقرب، فلم يدركها حتى دخلت في جحر في المنزل، فأدخل يده خلفها وسد الحجر بأصابعه، فلدغته، فقيل له: لم فعلت ذلك؟ قال: خفت أن تخرج فتجئ إلى أمي فتلدغها.

• ابن عون المزني:

نادته أمه يومًا فأجابها وقد علا صوته صوتها ليسمعها، فندم على ذلك وأعتق رقبتين.

قصة من الواقع:

كان أحد الدعاة في زيارة لإحدى الدول الأوروبية، وبينما هو جالس في محطة القطار شاهد امرأةً مسنة شارفت على السبعين من العمر تمسك تفاحة بيدها وتحاول أكلها بما بقي لديها من أسنان.

جلس الرجل بجانبها وأخذ التفاحة وقطعها وأعطاها للعجوز وذلك ليسهل عليها أكلها، فإذا العجوز تنفجر باكية فسألها: لماذا تبكين؟ قالت: منذ عشر سنوات لم يكلمني أحد ولم يزرني أولادي، فلماذا فعلت معي ما فعلت؟

قال: إنه الدين الذي اتبعه يأمرني بذلك ويأمرني بطاعة الوالدين وبرهما، وقال لها: في بلدي تعيش أمي معي في منزلي وهي بمثل عمرك، وتعيش كالملكة فلا نخرج إلا بإذنها ولا نأكل قبل أن تأكل، ونعمل على خدمتها أنا وأبنائي، وهذا ما أمرنا به ديننا.

فسألته: وما دينك؟ قال: الإسلام؛ فكان هو سببًا في إسلام هذه المرأة الكبيرة في السن!!

وأمير المؤمنين - رضي الله عنه - معه حكاية:

جاء عن عمر أنه "كان رجلاً من سادات قومه وكان له ابنًا يسمى كلابًا.

هاجر كلاب إلى المدينة في خلافة عمر - رضي الله عنه -، فأقام بها مدة ثم لقي ذات يوم بعض الصحابة فسألهم: أي الأعمال أفضل في الإسلام؟ فقالوا: "الجهاد".. فذهب كلاب إلى عمر يريد الغزو، فأرسله عمر - رضي الله عنه - إلى جيش مع بلاد الفرس، فلما علم أبوه بذلك تعلق به وقال له: "لا تدع أباك وأمك الشيخين الضعيفين، ربياك صغيرًا، حتى إذا احتاجا إليك تركتهما؟" فقال: "أترككما لما هو خير لي".

ثم خرج غازيًا بعد أن أرضى أباه، فأبطأ في الغزو وتأخر.. وكان أبوه وأمه يجلسان يومًا ما في ظل نخل لهما وإذا حمامة تدعو فرخها الصغير وتلهو معه وتروح وتجيء، فرآها الشيخ فبكى فرأته العجوز يبكي فبكت، ثم أصاب الشيخ ضعف في بصره، فلما تأخر ولده كثيرًا ذهب إلى عمر - رضي الله عنه - ودخل عليه المسجد وقال: "والله يا ابن الخطاب لئن لم ترد عليَّ ولدي لأدعون عليك في عرفات".. فكتب عمر - رضي الله عنه - برد ولده إليه، فلما قدم ودخل عليه قال له عمر: ما بلغ برك بأبيك؟

قال كلاب: "كنت أُفضله وأكفيه أمره، وكنت إن أردت أن أحلب له لبنًا أجئ إلى أغزر ناقة في إبله فأريحها وأتركها حتى تستقر ثم أغسل أخلافها - أي ضروعها - حتى تبرد ثم أحلب له فأسقيه"، فبعث عمر إلى أبيه فجاء الرجل فدخل على عمر - رضي الله عنه - وهو يتهاوى وقد ضعف بصره وانحنى ظهره وقال له عمر - رضي الله عنه -: "كيف أنت يا أبا كلاب؟". قال: "كما ترى يا أمير المؤمنين" فقال: "ما أحب الأشياء إليك اليوم؟".

قال: "ما أحب اليوم شيئًا، ما أفرح بخبر ولا يسوءني شر" فقال عمر: "فلا شيء آخر" قال: "بلى، أحب أن كلابًا ولدي عندي فأشمه شمة وأضمه ضمة قبل أن أموت".

فبكى عمر - رضي الله عنه - وقال: "ستبلغ ما تحب إن شاء الله". ثم أمر كلابًا أن يخرج ويجلب لأبيه ناقة كما كان يفعل ويبعث بلبنها إليه، فقام ففعل ذلك ثم جاء وناول الإناء إلى عمر فأخذه - رضي الله عنه - وقال: "اشرب يا أبا كلاب" فلما تناول الإناء ليشرب وقربه من فمه قال: "والله يا أمير المؤمنين إني لأشم رائحة يدي كلاب" فبكى عمر - رضي الله عنه - وقال: "هذا كلاب عندك وقد جئناك به" فوثب إلى ابنه وهو يضمه ويعانقه وهو يبكي، فجعل عمر - رضي الله عنه - والحاضرون يبكون ثم قال عمر: "يا بني الزم أبويك فجاهد فيهما ما بقيا، ثم اعتنِ بشأن نفسك بعدهما".

دعوة جادة:

أيها الشباب، تجديد العلاقة، وتقبيل يد الأب والأم من سِمات الناجحين المقبولين.. فما بالك بسماع كلامهم، والنزول لرأيهم، وخدمتهم حتى آخر نفس.

فإلى متى تقاطعهم أو تجحدهم أو تتعبهم؟!

أترى دمعة الأم التي تنزل لحزنها على معصيتك لها كم تساوي عند الله؟!! لا تعليق.

 

[1] من موسوعة يا شباب هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم - شريف شحاته - دار التوزيع والنشر - ط الأولى 1432هـ. (بتصرف).