تمت الإضافة بتاريخ : 26/12/2016

سيل العرم


السبئيون قوم كانوا يسكنون منطقة سبأ باليمن، ويعيشون في منطقة مشهورة بجمالها، مليئة بالجنان والكروم، وتقع على طرق التجارة، وكانت على مستوى متقدم جداً بالنسبة لغيرها من مدن ذلك الزمان..

وكانت ظروف العيش في بلدة كهذه ممتازة، ولم يكن للقوم من جهد يبذلونه سوى: كٍلٍوا مٌن رٌَزًقٌ رّبٌَكٍمً ّاشًكٍرٍوا لّهٍ بّلًدّةِ طّيٌَبّةِ ّرّبَِ غّفٍورِ 15(سبأ). كما تقول الآية، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك، بل نسبوا ما يملكونه لأنفسهم، وظنوا أنهم أصحاب هذه البلدة، وأنهم هم الذين أوجدوا ما فيها من الرخاء والازدهار، فاختاروا الغرور والتكبر على الشكر والتواضع لله، وكما تقول الآية فأعرضٍوا حيث نسبوا كل ما أنعم الله به عليهم لأنفسهم، وأصرُّوا على أنه من صنعهم، فخسروا كل شيء..

يذكر القرآن أن العقاب الإلهي كان بإرسال "سَيْل العَرِمِ"، وكلمة "عَرِم" تعني الحاجز أو السد، فيصف هذا التعبير السيل الذي جاء ليدمّر هذا الحاجز.

يقول المودودي في تفسيره "كما استخدم في التعبير سيل العرم، فإن كلمة "عَرِم" مشتقة من كلمة "عريمين" المستخدمة في لهجة سكان جنوب الجزيرة، والتي تعني السد، أو الحاجز، إذن فسَيْل العَرِم يعني كارثة السيل التي حدثت بعد تحطم سد مأرب".

" فّأّرًسّلًنّا عّلّيًهٌمً سّيًلّ الًعّرٌمٌ ّبّدَّلًنّاهٍم بٌجّنَّتّيًهٌمً جّنَّتّيًنٌ ذّوّاتّيً أٍكٍلُ خّمًطُ ّأّثًلُ ّشّيًءُ مٌَن سٌدًرُ قّلٌيلُ " 16 (سبأ)، أي إن البلدة بكاملها قد غرقت بعد انهيار السد بسبب السيل، لقد تحطمت جميع قنوات الري التي حفرها السبئيون، ولم يعد لنظام الري أي وجود، وهكذا تحولت الجنان إلى أدغال، ولم يبقَ من الثمار شيء سوى ثمار تشبه الكرز وأشجار قصيرة كثيرة الجذور.

وبعد وقوع كارثة السد، بدأت أراضي المنطقة بالتصحّر، وفقد قوم سبأ أهم مصادر الدخل لديهم مع اختفاء أراضيهم الزراعية، وهكذا كانت عاقبة القوم الذين أعرضوا عن الله واستكبروا عن شكره، وتفرق القوم بعد هذه الكارثة، وبدأ السبئيون يهجرون أراضيهم مهاجرين إلى شمالي الجزيرة، مكة وسورية..