تمت الإضافة بتاريخ : 01/03/2016
fiogf49gjkf0d

 

الرياضة وبناء الصحة النفسية

 

الدكتور / العربي عطاء الله

إن ممارسة الرياضة بجميع أنواعها تعتبر شيئا مهما بالنسبة للصحة الجسدية والنفسية للفرد ولاستمرار العيش في حياة أفضل، فهي تفيد كل أعضاء الجسم ووظائفه، وتحسن وضعية العديد من المرضى مثل بعض مرضى القلب والشرايين والسكري والسمنة والجهاز الهضمي وغيرها.

وقد أثبت كثير من الباحثين في مجال الطب الرياضي أن الرياضة لها علاقة وثيقة وطيدة بتحسن الصحة النفسية وظهور المشاعر الوجدانية الإيجابية والتمتع بالسعادة النفسية، والراحة والاطمئنان وتشير العديد من الدراسات إلى أن ذلك يتم أساسا من خلال آليتين هما: أولا تعزيز الثقة بالنفس وتحسين النظرة العامة للذات من خلال تعزيز إيمان الفرد بقدراته لإنجاز الخطوات الإيجابية، وثانيا تخفيف التوتر والضغط النفسي والاكتئاب الذي ينتج أساسا عن تحويل النشاط الجسدي انتباه الفرد بعيدا عن الأفكار لسلبية والتشاؤمية.

فقد أظهر بحث جديد أجراه علماء ألمان بأن التمارين الرياضية مثل المشي السريع يمكن أن تكون أكثر تأثيرا في مكافحة الاكتئاب من الأدوية ، وأجرى الباحثون دراسة على 12 شخصا يعانون من اكتئاب حاد مستمر فترة بلغت في المتوسط تسعة أشهر ووجدوا أن الدواء فشل في 10 من تلك الحالات في تحسين الحالة بصورة ملموسة .

ووضع الباحثون برنامجا رياضيا لمجموعة المرضى هذه تضمن المشي على جهاز المشي الرياضي لنصف ساعة يوميا ويقضي البرنامج بالانتقال من التمرينات العنيفة إلى تمارين لمدة ثلاث دقائق إلى السير نصف السرعة العادية لثلاث دقائق أخرى .

وبعد فترة زمنية محددة من بدء البرنامج الرياضي تتم زيادة التمرين بعد أن يكون قلب مريض الاكتئاب تأقلم مع النشاط الجديد وقيس مستوى الاكتئاب عند المرض في بداية البرنامج وفي نهايته كما طلب من المرضى أنفسهم تقييم حالتهم المزاجية كل عشرة أيام أثناء أتباعهم هذا البرنامج .

وفي المقابل فإن قلة النشاط البدني ترتبط أكثر بمشاعر وأعراض نفسية سلبية. هذه التأثيرات المتنوعة أكدتها العديد من الدراسات والأبحاث الميدانية التي أوضحت أيضا بأن الكثير من الأعراض النفسية السلبية مثل القلق والحزن والآلام النفسية الجسدية تعرف بعد ممارسة التمرينات الرياضية انخفاضا تدريجيا، على الرغم من كون هذا الانخفاض يختلف من فرد لآخر، ومن سياق لآخر. ومن هنا فالمطلوب من الفرد أن يهتم بممارسة نشاط رياضي معين، وأن يجد لذلك الوقت الكافي. كما يجب الاعتناء ببعض الأفكار والقواعد التي ستجعل تلك الممارسة أكثر فائدة وتأثيرا إيجابيا، ومنها:

كلما كانت ممارسة الرياضة تتم في جو ممتع مثل جو التنافس أو الجو الجماعي المتفاعل أو في أماكن طبيعية مثل الحدائق تحت ظلال الأشجار، كلما كانت التأثيرات أكثر إيجابية وفائدة على الصحة النفسية.

يتدرج الفرد في الزيادة من مدة التمرين الرياضي، من عشرة إلى خمس عشرة دقيقة في البداية، ليصل إلى ما بين ثلاثين وأربعين دقيقة يوميا على الأقل. فهذا يفيد في التكيف التدريجي مع المجهود البدني المبذول. ومع مرور الوقت سيشعر الفرد بالتحسن في تحمل الجهد البدني، كما سيشعر بالتحسن النفسي التدريجي. وليس من المفيد كثيرا ممارسة الرياضة أقل من مرتين في الأسبوع.

إن الانتظام في ممارسة التمرينات الرياضية ولو كانت خفيفة يساعد على الرفع من درجة شعور الفرد بقدراته البدنية والتفاعلية، وبالتالي يزيد من درجة احترام الفرد لذاته والرضا عنها. لكن يجب أن يتم ذلك الانتظام وفق برنامج شبه يومي أو أسبوعي يلتزم به الفرد.

إن ممارسة الرياضة ليست في أي حال من الأحوال بديلة عن العلاجات النفسية المتخصصة للاضطرابات النفسية. فالرياضة إنما تساعد على تقبل أكبر لهذه العلاجات. فمثلا تسهم التمرينات الرياضية في تحسن حالات الاكتئاب المشخصة إذا كان المصاب يعالج اكتئابه بمضادات الاكتئاب في الوقت نفسه، ولا يمكن أن تفيد بدون هذا العلاج.

وأحيانا يصعب على الإنسان أن يلتزم بتخصيص وقت محدد منتظم لممارسة تمارين رياضية، ومن هنا فإن المطلوب الالتزام ببعض القواعد كالتالي:

1- الحرص على المشي لقضاء حاجاتك ما أمكن ذلك، مع التركيز على التمتع بمتعة المشي .

2- استخدم الدرج بدل المصعد تدرجيا في النزول أولا، ثم في الصعود أيضا. وضع لنفسك تحدي الزيادة في عدد الطوابق التي تصعدها بالدرج، وبذلك ستتطور قدراتك ويزداد تحملك لمزيد الصعود والنزول بالدرج

عندما تستقل سيارتك إلى مكان ما، أوقفها على مسافة معينة وامش إلى المكان المقصود على قدميك.

3- استغل أي فرصة للحركة والمشي في أي فرصة تسنح، عند الحديث في الهاتف أو تبادل أطراف الحديث أو غيرها، واجعل الحركة جزءا من حياتك وعادة من عاداتك.

 

 

fiogf49gjkf0d