تمت الإضافة بتاريخ : 27/10/2014
fiogf49gjkf0d

الأثر الاجتماعي لإدمان تطبيقات الإنترنت

 

محمد عباس محمد عرابي

  تعتبر مواقع التواصل الاجتماعية (الفيس بوك,  تويتر, ماي سبيس, لايف بوون, هاي فايف, يوتيوب وغيرها), هي الأكثر انتشارًا على شبكة الإنترنت, لما تمتلكه من خصائص تميزها عن المواقع الإلكترونية, مما شجع متصفحي الإنترنت من كافة أنحاء العالم على الإقبال المتزايد عليها, في الوقت الذي تراجع فيه الإقبال على المواقع الإلكترونية, وبالرغم من الانتقادات الشديدة التي تتعرض لها الشبكات الاجتماعية على الدوام وخصوصاً موقع (الفيس بوك), والتي تتهمه تلك الانتقادات بالتأثير السلبي والمباشر على المجتمع الأسري, والمساهمة في انفراط عقده وانهياره, فإن هناك من يرى فيه وسيلة مهمة للتواصل  والالتحام بين المجتمعات, وتقريب المفاهيم والرؤى مع الآخر, والاطلاع والتعرف على ثقافات الشعوب المختلفة, إضافة لدوره الفاعل والمتميز كوسيلة اتصال ناجعة. و(الفيس بوك) أتاح تبادل مقاطع الفيديو والصور ومشاركة الملفات وإجراء المحادثات الفورية, والتواصل والتفاعل المباشر بين جمهور المتلقين.

   وإن الأثر الأساسي للاستخدام المفرط لتطبيقات الإنترنت الالكترونية، يتمثل في علاقة الفرد بمحيطه الاجتماعي، و نسبة احتكاكه به، حيث إن العديد من الدراسات التي تناولت هذه الجوانب بينت أن هؤلاء الأفراد يحدث لهم نوع من العزلة والانفراد، و تراجع مدة جلوسهم مع أفراد عائلاتهم و أصدقائهم.

    و لهذا فإن الاستعمال المتواصل لشبكة الانترنت وخدماتها الاتصالية يهدد بشكل مباشر كيان العلاقات الحقيقية وجها لوجه، و يحدث قطيعة بين الأفراد، مما يؤدي إلى زوال النسيج الاجتماعي التقليدي، وحلول نسيج اجتماعي افتراضي محله، يتسم (بانعدام حميمية الجوار و التقارب).             و كنتيجة لهذا الانعزال و الانفصال الاجتماعي، يحدث نوع من التفكك الاجتماعي، و تطغى النزعة الفردية على الجماعية و يتراجع الاهتمام بقضايا الجماعة؛ لكن هذا الانعزال لا يجب أن يجعلنا نغفل عن العلاقات الجديدة التي يكتسبها الفرد مع أفراد من كل الأنحاء، فهو يتعرف على أفراد جدد كل يوم، و رغم ذلك فإن هذه العلاقات لا يمكن أن تحل محل العلاقات الواقعية مع محيطنا الاجتماعي، و يمكن كذلك لهذه الاتصالات أن تقرب بين شعوب العالم، و تعرف بعضهم بتقاليد البعض الآخر، و تقرب بين آرائهم و أفكارهم، و يمكن أن تؤدي كذلك إلى حصول "التجانس الثقافي" الذي يجعل ثقافات الأفراد تتعايش و تتقارب فيما بينها، و تتمازج لتأخذ كل واحدة عن الأخرى ما يناسبها و يخدمها. و من الانعكاسات التي تحدث كذلك من جراء استخدام منتديات المحادثة الالكترونية باعتبارها وسيلة اتصال،"الاغتراب الثقافي و التنميط الاجتماعي" ([1])، الذي يجعل الفرد يشعر و كأنه لا ينتمي إلى ثقافة مجتمعه، و تبدأ أعراض التملص من عادات مجتمعه و تقاليده، و تبدوا أعراض التشبث بالقيم الغربية، و أنماطهم الثقافية الناتجة عن كثرة الاحتكاك بهم و الاتصال معهم.

     إن مستخدمي تكنولوجيا المعلومات قد سجلوا انخفاضًا في معدلات التفاعل الأسري، والدائرة الاجتماعية المحيطة مع علاقة مباشرة في معدل الوقت الذي يقضونه باستخدام الإنترنت. فإذا تم قضاء كل اليوم، على سبيل المثال، في استخدام الإنترنت، فإن النتيجة الحتمية لذلك هو تقلص الدائرة الاجتماعية للفرد والإصابة بالوحدة والتعاسة، والبقاء دون أصدقاء فالإفراط في استخدام هذه التقنية سوف ينعكس على السلوك الإنساني وعلاقاته الاجتماعية ، والذي يؤثر بشكل كبير على الأسرة التي ينتمي إليها الفرد.

     وتبين لنا الدراسات الأثر الاجتماعي لاستخدام الشباب للفيس بوك. ومن هذه الدراسات :

أما دراسة خضر (2009) ([2]) وعنوانها "الآثار النفسية والاجتماعية لاستخدام الشباب المصري لمواقع الشبكات الاجتماعية: دراسة على موقع ( الفيس بوك)"، فقد هدفت إلى التعرف على دوافع استخدام  الشباب المصري لموقع ( الفيس بوك), والكشف عن طبيعة العلاقات الاجتماعية والصداقات التي يكونها الشباب المصري, كما هدفت أيضا إلى رصد وتحليل الآثار النفسية والاجتماعية (السلبية والايجابية) المترتبة على تعامل عينة الدراسة مع موقع ( الفيس بوك), وذلك من خلال عينة عمدية متاحة من مستخدمي ( الفيس بوك) من طلاب الجامعات المصرية (الحكومية والأجنبية) مقدارها (136) مفردة موزعة بالتساوي بين جامعة القاهرة والجامعة البريطانية. وقد توصلت الدراسة إلى أن دافع التسلية والترفيه يأتي على رأس دوافع استخدام طلاب الجامعة لموقع ( الفيس بوك), وبنسبة مقدارها (69.9%) من إجمالي عينة  المبحوثين, بينما جاء دافع خلق صداقات جديدة, ودافع التواصل مع الآخرين وتطوير علاقات اجتماعية معهم في المرتبتين الثانية والثالثة, وبنسبة (41.2%) و(37.5%) لكل منهما على التوالي, كما أوضحت الدراسة أن تقديم المبحوثين لأنفهسم كما هم بصدق وبدون أي تلوين أو خداع للآخرين، كان لها النصيب الأكبر وبنسبة (82.4%), مقابل (19.9%) لتقديم المبحوثين أنفسهم للآخرين باستخدام اسم مستعار.

كما توصلت الدراسة إلى أن العبارات التي حظيت بأعلى أهمية نسبية لدى طلاب جامعة القاهرة والجامعة البريطانية بمقياس ليكرت الثلاثي تمثلت في العبارات  التالية: "التعامل مع الموقع جعلني أشعر بالانفتاح على أخبار الآخرين بوزن نسبي (90.44), يليها بروز عبارة " أتخلص من  الشعور بالوحدة عندما أجلس على موقع ( الفيس بوك) بوزن نسبي (83.09%), ثم ظهور عبارة "لقد قمت بتطوير علاقات اجتماعية عديدة من خلال التعامل مع الموقع" في المركز الثالث بوزن نسبي (75.25%), ... مما يعني غلبة الطابع الإيجابي على الآثار الاجتماعية المترتبة على استخدام طلبة الجامعات لموقع ( الفيس بوك).

أما دراسة حسن (2009) فكان عنوانها "أثر شبكات العلاقات الاجتماعية التفاعلية بالإنترنت ورسائل الفضائيات على العلاقات الاجتماعية والاتصالية للأسرة المصرية والقطرية" ([3]). وهدفت الدراسة إلى رصد وتوصيف أثر الوسائل الاتصالية الحدثية (الإنترنت بكافة استخداماتها والفضائيات والمدونات) على طبيعة وحجم العلاقات والتفاعلات الاجتماعية والاتصالية داخل الأسرة المصرية والقطرية, وذلك بالتطبيق على عينة عشوائية متعددة المراحل حجمها (600) مفردة وزعت ما بين صغار السن والوالدين في قطر ومصر، في محاولة للوصول إلى رؤية محددة نحو ترشيد استخدام التقنيات الحديثة وتفعيل دور المسؤولية الأسرية والمجتمعية في هذا السياق.

وقد توصلت الدراسة إلى أن هناك ارتباطًا سلبيًا بين معدل استخدام المواقع الاجتماعية ومستوى التفاعل الاجتماعي بين الأفراد, كما أن هناك ارتباطا سلبيا أيضا بين معدل الاستخدام وانخفاض مستوى التحصيل الدراسي لدى أفراد العينة, وأن هناك علاقة ارتباطية ايجابية بين زيادة معدل الاستخدام واتجاه المبحوثين نحو تكوين علاقات اجتماعية ثابتة ومستقرة وليست عابرة, وأنه كلما شعر الأفراد بالخصوصية باستخدام جهاز الكمبيوتر زاد انعزالهم عن الواقع وانخفض مستوى تفاعلهم الاجتماعي, بعكس أقرانهم الذين يستخدمون الكمبيوتر في مكان لا يتمتع بالخصوصية ويستطيع المحيطون بالفرد الوصول إليه.

(5) ذهبية ، محمد محمود(2007م) :  الإعلام المعاصر، عمان ، مكتبة المجتمع العربي،ص48

(6) خضر, نرمين زكريا. (2009): الآثار النفسية والاجتماعية لاستخدام الشباب المصري لمواقع الشبكات الاجتماعية: دراسة على موقع ( الفيس بوك)". مقدمة إلى مؤتمر كلية الإعلام, جامعة القاهرة, وهو بعنوان: الأسرة والإعلام وتحديات العصر, والذي عُقد في الفترة ما بين 15-17 فبراير 2009م.

(7) حسن, أشرف جلال. (2009): أثر شبكات العلاقات الاجتماعية والتفاعلية بالإنترنت ورسائل الفضائيات على العلاقات الاجتماعية والاتصالية للأسرة المصرية والقطرية: دراسة تشخيصية مقارنة على الشباب وأولياء الأمور في ضوء مدخل الإعلام البديل. مقدمة إلى أعمال مؤتمر كلية الإعلام, جامعة  القاهرة وهو بعنوان: "الأسرة والإعلام وتحديات العصر", والذي عقد في الفترة ما بين 15-17 فبراير 2009م.

fiogf49gjkf0d