تمت الإضافة بتاريخ : 07/09/2014
fiogf49gjkf0d

كيف تدير وقتك وتستثمره بنجاح؟

 

محمد عبدالعزيز يونس

كثيرون لا يعرفون إلى أين يتجهون، وماذا سيفعلون، وأي طريق سيسلكون.. يتخبطون هنا وهناك.. وقتهم يسرق منهم ويخدعون به.. فالوقت مورد ثمين وفريد منحه الله لكل إنسان بالتساوي بغض النظر عن عمره أو مكانه.. ذلك أنه مادة هذه الحياة، وكما ورد في الأثر" كثير من الناس لا يدركون أن الوقت قد ذهب إلا بعد أن يكون العمر قد ذهب".. في هذا الاتجاه وحول أهمية الوقت وكيفية استثماره تدور فصول كتاب "إدارة الوقت" الصادر عن دار سما للنشر والتوزيع بالقاهرة في 128 صفحة من القطع المتوسط، لخبير التنمية البشرية الراحل د.إبراهيم الفقي.

ويشير الفقي في كتابه إلى أنه لا يقدم للقارئ وصفة سحرية تجعله منظمًا أو مديرًا لوقته بفاعلية، لكنه يضمِّن كتابه الكثير من النصائح والمعلومات التى ستساعد القارئ بجدية على ترتيب أفكاره وإعادة برمجته، وأشار إلى أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عنيا بالوقت أشد العناية، وفي مقدمة هذه العناية بيان أهميته، وأنه من أعظم النعم التي من الله بها علينا، ولبيان ذلك أقسم الله جل جلاله في مطالع العديد من السور بأجزاء معينة مثل "والليل، والنهار، والفجر، والضحى، والعصر".. ومن المعروف أن الله لا يقسم إلا بشيء جليل المنفعة عظيم الأثر.

كما جاءت السنة النبوية الشريفة لتقرر مسؤولية الإنسان عن الوقت أمام الله جل وعلا، فقد رَوى ابنُ حِبَّانَ والترمذيُّ في جامِعِه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ".. وهذا يسئل الإنسان عن عمره عامة.. وعن شبابه خاصة، والشباب جزء من العمر لكن له قيمة متميزة لكونه سن النشاط والشباب والعطاء والحيوية.

السؤال الصعب

وووجه الفقي سؤالا للقارئ: ماذا ستفعل إذا اكتشفت أن أمامك 6 أشهر فقط ستحياها على وجه الأرض؟.. ويضيف أنه لعل السؤال به شيء من الغرابة والتشاؤم وربما الألم. لكنه سينير لنا بعض الحقائق.. فمثلا هل فكرت إذا كان المتبقي من عمرك هذه الأيام المعدودة مع من ستقضيها، وكيف ستقضيها، وما الأعمال التي ستسارع بفعلها، ومن الأعمال التي ستتوقف عن فعلها على الفور؟ إجابتك على هذا السؤال ستضيء لك جانب مظلم من تفكيرك، ستخبرك أن هناك عمل يجب إنجازه، وصديق بحاجة إلى مصالحته، وأقارب قطعت رحمهم بحاجة إلى إعادة وصلها.. سيجعلك تنظر إلى أشياء مهمة تخشى أن تنتهي حياتك قبل اتمامها والانتهاء منها.. فللأسف، كثير منا تبرمج على حالة الطوارئ على أنها مهامه في الثانية الأخيرة أو خلال فترة السماح.. وكم من أشياء تضيع وتهمل في ظل هذه الفوضى الحياتية المؤلمة.

وانتقد الكاتب خرافة تتردد على ألسنة البعض بقولهم: "ليس لدينا وقت"، فنجد من يقول "يومًا ما سأجد متسعًا من الوقت لإنجاز ما تأخر"، "يومًا ما سأجد وقتًا أقصيه مع عائلتي"، والواقع أن كل إنسان لديه 24 ساعة في اليوم، يتساوى في ذلك الغني والفقير، رجل الأعمال وجامع القمامة، السعيد والتعيس، فإذا كنا جميعًا نشترك في مقدار ما نملك من الوقت، إلا اننا نختلف وبشدة في كيفية استثماره.

إدارة الوقت

وأشار إلى أن إدارة الوقت تعني أولا إدارة الذات، فهي نوع من إدارة الفرد نفسه بنفسه، إدارة الوقت هي إدارة الأعمال التي نقوم بمباشرتها في حدود الوقت المتاح يوميًا 24 ساعة، وذلك بأقل جهد وأقصر وقت، ثم يتبقى لنا وقت للإبداع والتخطيط للمستقبل وللراحة والاستجمام.. والحل في كل المعضلات هو إدارة صحيحة للوقت، وإدارة الوقت هي محاولة ترويضه وفرض سيطرتنا عليه، فكلنا يعمل طوال الوقت، ولكن من منا يعمل في الاتجاه الصحيح، ومنا من لا يعمل في الاتجاه الصحيح، وتذكر جيدًا أن إدارة الوقت قضية ذاتية يجب أن تناسب ظروفك وطبيعتك، وأن تغيير العادات القديمة يأخذ وقتًا طويلا ويحتاج إلى مجهود كبير.. واعلم أن الإدارة الصحيحة لوقتك تضيف إلى حياتك ساعات طوال إذا أحسنت استغلال الأوقات الضائعة في حياتك.

لماذا تضيع أوقاتنا؟

بالنظر إلى واقع البشر نجد أن هناك عاملين أثرا بشكل كبير على الناس، ودفعهم إلى ذلك التبذير المؤلم للوقت، وهما "القيم والعادات".. فالمجتمع الذي نعيش فيه إن لم يكن لديه قناعة بأهمية الوقت فسينشأ يقينًا أفراد غير منضبطين في تعاملهم مع الوقت.

وبعد القيم والعادات يأتي عامل آخر مهم يتسبب في إضاعتنا للوقت وهو النظرة السلبية للذات، فالإنسان مبرمج على عادات سلبية وإيجابية اكتسبها من أهله ومحيطه الخاص.. هذه البرمجة عمل من خلالها في اعتقاده بعدم قدرته على ضبط الوقت والتعامل الإيجابي الجاد مع عقارب الساعة.

وأشار الكاتب إلى استبيان حول معوقات استثمار الوقت وجاءت أبرز هذه المعوقات كالتالي:

أولا: إيمانية:

- كثرة الذنوب والمعاصي.

- سوء العلاقة مع الله سبحانه وتعالى.

- عدم محاسبة النفس.

- محاولة الشيطان صرف الإنسان عن الخير.

- التسويف وتأجيل عمل اليوم إلى الغد.

- نسيان أهمية وقيمة الوقت.

- الفتور.

- الهوى.

ثانيًا: شخصية:

- عدم المتابعة اليومية.

- عدم إعداد برنامج متكامل للحياة.

- المشاكل في العمل والبيت.

- الظروف الشخصية "الحالة الصحية".

- ظروف الأولاد والأسرة.

- طول وقت العمل.

- تراكم الأعمال.

- ضيق وقت الفراغ.

- عدم التزام العمل بمواعيد ثابتة.

- عدم الاستقرار الذهني.

- الإكثار من النوم.

- عدم الشعور والإحساس بالمسؤولية.

ثالثًا: إدارية:

- ضعف برمج وتنظيم الوقت.

- عدم ترتيب الأولويات.

- ضعف التخطيط والرؤية المستقبلية.

- التسرع في اتخاذ القرارات.

- قلة متابعة الحلول الخاصة بالمشكلات.

- قلة المعوقات وسوء توظيفها.

رابعًا: بيئية واجتماعية:

- المواصلات.

- البيئة المحيطة.

- عدم احترام المجتمع المحيط لقيمة الوقت.

- الزيارات المفاجئة.

- حجم علاقاتنا الاجتماعية.

- اختلاف تقدير الآخرين للوقت مع ضرورة التعامل معه.

هكذا تنظِّم وقتك

أنت لا تملك أكثر من 24 ساعة يوميًا، أو 168 ساعة أسبوعيًا.. وللقيام بالتنظيم الجيد لوقتك واستثماره كما ينبغي عليك القيام بالمهام التالية:

أولا: إدارك أهمية الوقت:

فالذين لا يدركون أهمية أوقاتهم هم أكثر الناس تضييعًا له.. فعليك أن تعي أن وقت الفراغ هو خرافة وضعها الفارغون، فلا تردد هذا اللفظ ولا تستعمله، فكل دقيقة تمر بك تستطيع من خلالها أن تعبد الله، أو تذكره، أو تسبحه، أو تحمده، أو تأمر بمعروف، أو تنه عن منكر.. فكم تساوي هذه الدقيقة إذن؟

ثانيًا: قف وقفة حزم:

فكثير ممن تضيع أوقاتهم من غير فائدة هم أناس غير حازمين، وفي كثير من الأحيان مترددون لا يستطيعون أخذ القرارات، ولا إصلاح الخطأ في حياتهم، وذلك من أكثر الأسبابالتي تؤدي إلى ضياع أوقاتهم.

ثالثًَا: حدد أولوياتك جيدًا:

ومن ذلك أن تقوم بإعداد قائمة بالأعمال اليومية التي ينبغي أن تقوم بها، فالتخطيط الجيد لوقتك هو الخطوة الاولى في تنظيم الوقت واستثماره.

رابعًا: التفويض الفعَّال:

فوِّض دائمًا بعض أعمالك إلى مرؤوسيك إذا كنت مديرًا، وإن لم تكن كذلك فابحث دائمًا عن شخص آخر ليحمل عنك بعض مهامك، وليكن ذلك الشخص زميلك، أو مساعدك، أو زوجتك، أو ابنك.. فالتفويض هو طريقك إلى النجاح، ففي إدارة الوقت يمكنك أن تنجز العديد من الأعمال في وقت واحد إذا استطعت استخدام التفويض الفعًال بأن ينوب عنك في بعض هذه الأعمال من تطمئن إلى كفاءته.

خامسًا: تنظيم مكان العمل:

ينبغي أن تحافظ على تنظيم جيد للمكان الذي تعمل من خلاله، وأن لا تضع على مكتبك إلا ما تقوم به الآن أو ستنجزه خلال اليوم نفسه، وحافظ على إضاءة جيدة للغرفة، وتأكد من ترتيب أشيائك وملفاتك حسب تصنيف معين، وتخلص فورًا من أي أوراق ليس لها أهمية ولن تحتاجها بعد ذلك.

سادسًا: تعلم قول لا:

قلها صراحة لكل من يحاول إضاعة وقتك ويقتطع منه دون وجه حق.

سابعًا: لا تكرر مجهودك:

عليك أن تبرمج نفسك على عدم تكرار الأمر أكثر من مرة، فإذا بدأت في عمل لا تتركه إلى ما سواه ثم تعود إليه مرة أخرى، فأنت بذلك تكرر مجهودك في استرجاع ذهنك وذاكرتك.

ثامنًا: التخطيط المنطقي:

رتب أوراقك أولا وكن واقعيًا في تحديد أهدافك ومخططاتك، وكن منطقيًا في تحديد الأوقات الكافية لكل عمل، إذ أن إعادة التخطيط تعني وقتًا آخر مهدرًا.

fiogf49gjkf0d