تمت الإضافة بتاريخ : 29/05/2014
fiogf49gjkf0d

محمد عزازي: لا إدارة ناجحة بدون إرادة

 

أميرة توفيق

محمد عزازي.. كاتب وباحث ومدرب معتمد في مجال التنمية البشرية، متخصص في مجال الإبداع، ومتمرد على مسمى التنمية البشرية بالشكل المتداول به في الوطن العربي، يسعى لكلمة "تنمية".. بدأ تدريبه في مجال التنمية البشرية والمواد الإدارية بحضوره العديد من ورش العمل والمحاضرات لأكبر المدربين على مستوى العالم كالبروفيسور الكبير فيليب كوتلر، والمدرب الكبير روان جيبسون، والمدرب السويدي فريدريك هارين، والعديد من المدربين الآخرين، وهو يعمل كمطور للأعمال في التسويق والمبيعات في مجال التدريب وتحضير المؤتمرات، حيث إنه عمل في أماكن كثيرة ومختلفة في نفس المجال، بجانب احتكاكه بمديرين وأصحاب أعمال كبار في نفس المجال.

 

 بداية ما هو سر اعتراضك على كلمة "مدرب تنمية بشرية"؟

كلمة "تنمية بشرية" هي كلمة عامة وفضفاضة، وتم استخدامها واستغلالها كأنها عملية تسويقية، وهي من الممكن أن تطلق على أي فرد، إذ أنه يمكن لأي فرد أن يُنمي في حياة البشر بالشكل الذي يبدع ويتميز فيه، فالصحفي مثلاً يقوم بتنمية الأفراد معلوماتيًا، فليس هناك من يطلق عليهم مدربين تنمية بشرية، وأتعجب كثيراً من وجود أساتذة كبار ولديهم علم كثير، ويستخدمون هذا المسمى في تعاملهم، إنما من الممكن القول مدرب مهارات ذاتية وهي تنقسم إلى Soft Skills و Hard Skills فمنها ما يتم اكتسابه من خلال الدراسة الجامعية الأكاديمية، ومنها ما يتم اكتسابه من خلال الدورات وورش العمل.

الشيء الآخر الذي لا ينتبه إليه الناس، هو حين سؤالهم عن كورسات التنمية البشرية، فلو جاء إليك أحدهم يخبرك أنه يريد أخذ كورس تنمية بشرية فتسأله عن السبب فيخبرك أنه يريد أن يطور من نفسه، في حين أنه لو لعب رياضة مثلاً فهو يطور من نفسه، وإن أكثر من القراءة فهو يطور من نفسه، فكل هذا يسمى تنمية بشرية، فكان هذا اعتراضي على قولة "مدرب تنمية بشرية".

 

إذن هذا ينقلنا لفكرة أن "التنمية البشرية" بمدلولها الحالي مهنة من لا مهنة له؟

هنا يجب أن نقول أن الفكرة في مهنة "المدرب" نفسها، تلك التي أصبحت مهنة من لا مهنة له بشكل ما، فأنت تقول أنك مدرب تنمية بشرية، هنا أنت مدرب لأي مهارة بالتحديد، فإذا نظرنا مثلاً للمدرس العادي في المدارس والجامعات فهو من المفترض أن يدخل كلية التربية ثم يتخصص في أحد أقسامها وبعد التخصص يقوم بتعلُّم كيف يوصل ما درسه للطلبة والدارسين، فهنا بدأ الأمر بإعطاء المادة العلمية أولاً ثم تأهيل الفرد للتواصل مع الناس، بينما الأمر في التدريب يأتي بطريقة عكسية، ففي البداية يتم تأهيل الفرد وتدريبه للتواصل مع الناس عن طريق كورسات TTT (Train the Trainer) والتي يتم فيها تعلم كيف تقف أمام الحاضرين وكيف تحضر المادة العلمية الخاصة بك، وكيفية تنسيقها وعرضها وكيف يكون شكل الكورس والمتابعة مع المتدربين من بعده وكيفية إجراء ورش عمل، وبعد أخذ ذلك يقوم المدرب بالتخصص في جزء ما أو فرع ما؛ ليقوم بتدريسه، فليس معنى كونه أصبح مدربًا أنه يستطيع أن يقدم ويشرح كل شيء، بالطبع من الممكن أن يكون لديه إلمام بالكثير من المعلومات، ولكن يكون هناك دومًا جزئية هو بارع ومتميز فيها.

ولكن ما يحدث فعليًا هو العكس، فيحضر أحدهم مجموعة من الكورسات، ويتأثر بها ويجد في نفسه القدرة على توصيل المعلومة للناس فيقوم بالتحضير لعمل كورس، وربما يكون غير مؤهل تأهيلاً كاملاً لذلك، بينما هو يبحث عن الربح المادي في الموضوع.

 

إذن ما هي المهارة الأساسية التي يجب أن يمتلكها المدرب؟

طريقة توصيله للمعلومة لمن هم حوله يجب أن تكون مريحة وبسيطة، فالأفراد الذين يملكون موهبة التواصل مع من حولهم بشكل جيد ويملكون القيادة كذلك ويكونوا متفاعلين مع المجتمع يمكن أن يكونوا مدربين ناجحين جدًا، كما أنها مهارة من الممكن أن تكتسب بالتدريب والمران، ولكن يفضل أن تكون في طبيعة الشخص.

 

حدثنا عن برنامجك على Soundcloud "خليك هادي مع عزازي"؟

الفكرة كانت تراودني منذ عام 2009 وكانت بهدف التواصل إعلاميًا مع الناس ومررت فيها بالكثير من التجارب بداية من أول فيديو قمت بنشره "بيقولك تنمية بشرية" وبعده فيديو "نصائح قبل الامتحانات" والذي حقق نسبة مشاهدة على موقع يوتيوب وصلت إلى 90.000، وأتي بعدها تراك صوتي بعنوان "من أول نظرة هتفهمني"، وكنت أناقش فيه قضايا العلاقات الإنسانية، وكيفية التواصل، ومن بعده بدأت محاولات إنتاج برنامج بشكل احترافي مع عدد من الأماكن سواء كانت شركات إنتاج عالمية أو محلية ولكنها كانت تتوقف لسبب أو لآخر، وكان الهدف الذي أسعى له هو تدريب مليون فرد، وكنت متأكدًا أن وسائل الإعلام ستوصلني لأكثر من ذلك.

 

إذن ما هي الفكرة الأساسية التي اعتمد عليها البرنامج؟

فكرة توصيل معلومة كبيرة بشكل بسيط وسهل بحيث يمكن تطبيقها وتنفيذها، كذلك فكرة أن الميديا قد يكون لها أشكال أخرى بعيدًا عن المقالات والمحاضرات المعتادة، ومن الممكن أن نقدم شيئًا احترافيًا بسيطًا وغير مكلف، والحلقات كانت مرتبطة جدًا بالواقع الذي نعيشه من أحداث عامة في البلد إلى أحداث يومية يمر بها كل فرد وكنا نعلق عليها بشكل مختلف ومؤثر.

 

يُعاني الكثير من الأشخاص من مشكلة في تنظيم وتقسيم أوقاتهم، فكيف يمكن التعامل مع تلك المشكلة؟

أول ما يمكن قوله هو أنني سأعطيك إدارة الوقت ولكن لا يمكنني أن أعطيك "إرادة" تنظيم الوقت، بمعنى أنه إن لم تكن لديك رغبة حقيقية في تنظيم وقتك فلن يفرق معك أي كلام تحفيزي وإن لم يكن لديك هدف تسعى للوصول له وتجتهد من أجله فلن تفرق معك فكرة تقسيم الوقت من عدمها.

كما أنه لابد أن نتفق أنه لا توجد قاعدة عامة، فكل فرد مختلف عن الآخر، فتقسيم الوقت يأتي بشكل تنفيذي وليس بشكل تخطيطي، بمعنى أنه لدي هدف محدد سأقوم بتنفيذه على هيئة وقت، بمعنى مثلاً إذا كان لدي هدف أن أخفف وزني بمعدل ثلاثة كيلو في الشهر فسأقوم برياضة المشي نصف ساعة لمدة ثلاث أيام في الأسبوع، وهكذا، أي أنه لكي تقسم وقتك عليك أن تقوم بملئه أولاً.

 

كيف أعرف الأشياء التي أملأ بها وقتي فعلياً؟

الأمر يرجع في البداية لوضوح الرؤيا والأهداف التي من المفترض أن يتم تقسيمها على الوقت وملئه بها، وتأتي معرفة الرؤيا والأهداف من معرفتي بذاتي وما أريد أن أحققه في حياتي، وما هو الشيء الذي يحركني ويدفعني للحركة دوماً، ثانياً حين أتعرف على نفسي جيداً فإنه يجب أن أقيّم قدراتي ومهارتي كذلك بشكل جيد وما يمكنني عمله وما لا يمكنني عمله حتى لا أقع في مشكلة أنه لدي هدف كبير وقسمته على وقت قصير، أو مثلاً يقوم أحد الشباب بوضع هدف أنه سيصلي في رمضان ثلاث وعشرون ركعة بشكل يومي وهو في الأساس غير منتظم على الصلاة فمن المفضل هنا أن يقوم بأخذ الموضوع بشكل تدريجي حتى لا يُجهد نفسه بشدة ويترك الأمر كله، الخطوة الثالثة التي تأتي هنا هي ترتيب الأولويات، فإن كانت مشغولياتك ومهامك متداخلة فيجب عليك أن ترتبها بالأهم، فالمهم، فالأقل أهمية وهكذا، الشيء الأخير هنا هو التجربة بمعنى أنه من الممكن أن تقوم بعمل جدول معتمد على مهامك وتقسّمه، وتبدأ بوضع علامة "صح" لما قمت بتنفيذه، ومن الممكن أن تعدّله وتغيره إلى أن يصبح بالشكل الأكثر ملائمة لك.

 

كيف يُمكن تحديد الأولويات في الحياة وهي قد تكون متداخلة؟

على كل فرد أن يسأل نفسه مما تتكون حياته، فهي عبارة عن "صحة، عمل، تطوع، دراسة، علاقات، دين، وعبادات أخرى) فكل شيء من هذه الأشياء يجب أن يكون له وقته حتى لا يطغى أحدهم على الآخر فتشعر بالتقصير فيه، ويلي تحديد الأولويات تحديد مسار الحياة اليومية بمعنى جرب أن تحسب كيف يمضي يومك العادي، وما هو وقت الفراغ المتبقي لديك، وبعدها ستعرف على وقتك مقسم بطريقة صحيحة أم لا؟، وهل هناك جانب من جوانب حياتك يطغى على الجوانب الأخرى أم لا؟.

 

كيف يُمكننا التغلب على المعوقات التي تقابلنا في الطريق وكيف نتأكد أنها ليست لإبعادنا عنه؟

مشكلتنا الحقيقة هي أننا لا نأخذ بالأسباب كاملة، فمنا من يأخذ بربع الأسباب أو ثلاث أرباع الأسباب، ولكن لا أحد يأخذ بها كاملة إلا فيما ندر.. فبداية علينا الأخذ بالأسباب كاملة والمحاولة عدة مرات والتماس الطرق المختلفة، ثانياً الاستعانة بالله دائماً، فصلِ الاستخارة وتوجه إلى الله بالدعاء، وثالثاً أسأل نفسك هل أنت جهزت خططًا بديلة لتحقيق هدفك؟، فهناك مقولة أجنبية تقول Change Plan Not Goals فالفكرة هنا تبدأ من تحديد ما تريد قبلاً وتسأل نفسك لماذا تريده وما هو هدفك منه ولماذا تريد أن تكون كذلك، فإذا كنت تملك هدف واضح وصريح ستكمل الطريق فالفكرة هنا ليست في عدم الاستمرارية إنما في عدم اليقين والثقة فيما تريد، فإيمانك بما تفعل ومعرفتك بنفسك وقدراتك ستزيدك ثباتاً على الطريق.

 

كيف يمكن التغلب على الاحباطات من الأشخاص القريبين منا؟

من الطبيعي أن يتأثر الفرد بمن حوله ومن يقول عكس ذلك فهو يتعامل مع الفرد على أنه آلة يجب أن تحقق هدفًا معينًا وفقط، ولكن من قال أن الحياة يسيرة وسهلة، فدائمًا أقول إن كان ما تريد الوصول إليه هشًا وسهلاً فاعلم أن هناك شيئًا خطأ، فالنجاح الذي يأتي بسهولة فاعلم أنه لن يستمر وأنك لن تكون جيدًا فيه فيما بعد، فما يأتي بسهولة يذهب بسهولة، ومن ضمن ما يثبت ذلك هو تأثرك بالمحيطين حولك ولكن مع وجود نتيجة لما تفعله ستجد أن جميع المحيطين بك يحترمونك ويثنون عليك، وستتأكد من أنك تسير بطريقة صحيحة.

 

المشكلة التي تسبب بإحباطنا هنا هو أننا لم نقسم حلمنا لأهداف صغيرة متصلة، فعند تقسيم حلمك فإنك تبدأ تشعر بالإنجاز بشكل أسرع والشعور بالإنجاز هو الذي يأتي بالصبر على الكلام المُحبط وعلى من حولك وعلى قلة المال أو المنصب الوظيفي الذي تتمناه لنفسك.

 

متى يجب أن نتوقف عند مشكلة ما ومتى نقرر أن نتجاوزها؟

على حسب حجم المشكلة وتأثيرها على حلمك، بمعنى إن لم أكن مثلاً لدي قدرة على التواصل مع الناس بشكل جيد فلن أصبح مدربًا جيدًا، فهنا يجب التوقف ومعالجة المشكلة لأنها تؤثر على حلمك، وقس ذلك على جميع جوانب الحياة، فالمشكلة التي لا تسبب وقوفك أو تمنعك من مواصلة حلمك يمكن تأجيلها قليلاً ولكن من فترة لأخرى يجب عليك التوقف مع نفسك، حتى لا تتفاقم تلك المشاكل الصغيرة لأخرى كبيرة.

fiogf49gjkf0d