fiogf49gjkf0d الزوج (المِطْلاق) قنبلة موقوتة تهدد كيان الأسرة
لماذا يهدِّد الرجل أمانَ المرأة؟
هناء رشاد
مانشتات:
• عشتُ مع زوْجي سنواتٍ طويلةً، وأنا لا أعرف إلى الآن إن كنتُ على ذِمَّته أم لا؟!
• دراسة: التهديد بالطلاق يأتي على رأسِ قائمة العُنف اللفظي الذي يسود المجتمعَ السعودي.
• أنا جَدَّة لأربعة أحفادٍ أنسى معهم عصبيةَ زوجي وأيضًا كبريائي!
• زَوجي حلَف على مرة بالطلاق ألاَّ ألمس الهاتف وظللتُ مدة طويلة حتى بعدَ الصُّلح أخشى أن أستخدمَه!
• الرَّجل المطلاق لا يمتلك صفاتِ الرجولة الحقيقيَّة، وهي الحِلم واللين وحُسن الحوار.
• د. أدبيس للزوجة: ثِقي بنفسك ولا تَستسلمي لهاجسِ الانفصال.
• د. منَى أدبيس: نفْس الرجل يتحكَّم في انفعالاته في العملِ بينما يطلق العِنان لانفعالاته في بيته.
(عليَّ الطلاق)، (إنْ ذهبتِ لأهلك تكوني طالِق!) (سأنتظر حتى يتخرَّج الأبناء ثم أُطلِّقك).
عبارات يُطلقها بعض الأزواج فيصاحبها دَويٌّ صاخِب يهتزُّ له أركانُ بيت الزوجيَّة الذي قام على قواعدَ ثلاثٍ، هي السَّكن والمودَّة والرَّحمة، والتي لا تستقيمُ الحياة الزوجيَّة بدون تكاملهما، فإذا انهارتْ إحدى هذه القواعِد فحتَّامَ سيُصاب البناء القوي للزواج بتصدُّع قد يصعُب ترميمه، وفي مجتمعاتنا العربيَّة نرى صورًا كثيرةً لهذا التصدُّع حينما يتعسَّف الزوج في استخدام نفوذه الذي استمدَّه مِن الشرع الحنيف؛ ليكون قوَّامًا على البيت بالإنفاق وتوفير الأمْن والاستقرار لمن هُم تحت مسؤوليته التي سيسأله الله عنها بترديدِ عبارات الطلاق، وعلى أتفه الأمور غير مبالٍ بمشاعر زوجته، والتي وفي معظَم الأحوال تتحمَّل مستسلمة متجرِّعة الألَم النفسي، من أجل إقامة البيت الذي تَعبت في تشييده بالحبِّ والرِّعاية وتكون المشكلة أكْبر إنْ كان هناك أبناء يتربَّون في هذا الجو الذي يرَون فيه أمَّهم تكابِد وتقاتل كبرياءها مِن أجلهم، فكيف تستقيمُ الحياة بهذا الشكل؟ وما تأثير ذلك على نفسيَّتهم؟ وهل على الزوجة أن ترفعَ رايةً اعتراضيَّة لوقْف هذا النزف اليومي لمشاعرها وكِبريائها، ويكون الحلُّ هو التمرُّد على هذا الزوج المنفلِت لسانه ويلعَب بكلمةِ الطلاق كيفما أرادَ فينزع منها أهمَّ ركن حلمتْ به عند دخولها مِن بوَّابات الزوجية، وهو حلم الأمان مع رجُل يحتويها ويُشعرها أنَّها سيِّدة البيت والقلْب، وأنَّ الرياح وإن كانت عاتيةً لن تحرِّكَ عمودًا في مملكتها القويَّة.
أسئلة كثيرة تسكنها الحيرة وتحتاج إلى إجاباتٍ في هذا التحقيق.
نموذج عربي:
مِن خلال دراسة ميدانيَّة عن استخدام الألفاظ العنيفة أجراها مركزُ رؤية للدِّراسات الاجتماعيَّة بالقصيم - السعودية، تبيَّن أنَّ تهديد الزوجة بالطلاق واحدٌ مِن أشكال العنف اللفظي المنتشرة في السعودية، وحصلت على نسبة 35? مِن الذين شملتهم الدراسة.
ومِن خِلال نتائج الدِّراسة، وُجِد أنَّ هناك أشكالاً عديدة مِن العنف اللفظي المنتشر في المجتمع السعودي، يأتي على رأسها تهديدُ الزوجة بالطلاق أو بالزواج عليها.
ورغم التفاوت الكبير بيْن كلِّ شكل وآخَر من أشكال العنف، إلاَّ أنها تنطوي جميعُها على فاعلية الإهانة اللفظية، والتي تؤدِّي تدريجيًّا لأشكال الانفصال الوجداني وهي مرحلةٌ أساسية مِن مراحل التطور في العلاقة، والتي تنتهي بالعُنف الجسدي بكافَّة أشكاله وأنماطه، حسبما قالتِ الدراسة.
ويرَى باحثو مركز رؤية بأنَّ هذه النِّسب المرتفعة نسبيًّا لأشكال العنف اللفظي تدلُّ على أنَّ ثقافة المجتمع وتنشئة أفرادِه غالبًا ما تؤدِّي إلى مثل هذه التصرُّفات والتي أصبحت نمطًا حياتيًّا شائعًا.
نَسيتُ كبريائي مع الزمن!
تقول أمُّ سالم: عشتُ مع زوجي سنين طويلة وأنا لا أعرف إلى الآن إن كنت على ذِمَّته أم لا؟! فزَوجي يحلف بالطلاق ليلَ نهارَ ولأتفه الأسباب، لدرجة أنَّه حلَف عليَّ بالطلاق مرةً ألاَّ ألمس الهاتف وظللتُ مدة طويلة حتى بعدَ الصُّلح أخشى أن أستخدمَه!
وكنت أوَّل الزواج أترُك البيت وأذهب غاضبةً إلى بيت أهلي، ثم بعد عِدَّة أيام يتمُّ الصلح وأعود إلى المنزل... وهكذا، وبمرور السِّنين اعتدت على تهديداته المستمرَّة لي بالطلاق، وكنت أتحمَّل مِن أجل أن يصل مركبُ الأبناء بسلام، والحمد لله تخرَّج أبنائي جميعهم في الجامعة وتزوَّجوا، وأنا الآن جَدَّة لأربعة أحفاد أنسَى معهم عصبيةَ زوجي، وأيضًا كبريائي!
إمَّا الدفع وإمَّا الطلاق:
زَوجي يستولي على راتبي وإلاَّ الطلاق!! هكذا بدأتْ سميَّة حديثَها، وهي سيِّدة شابَّة تَعمل مُعلِّمة، فتقول: زوجي دائمًا يُهدِّدني بالطلاق إذا لم أسلِّمه راتبي بالكامل كلَّ شهر، قائلاً: إنَّ راتبي من حقِّه ما دام سمح لي بالعمل! وقد رضختُ لأمره؛ حفاظًا على البيت، فأنا لا أريد العودةَ بفشلي إلى بيت والدي، وخاصَّة أني تزوجت بعدَ الثلاثين مِن عمري وقد ذقتُ مرارة الوحدة، وأريد إنجاح حياتي الزوجية مهما كلَّفني ذلك.
أعيش تحت التهديد:
وتَحكي عالية حكايتَها مع زوجها فتقول: منذُ زواجي وأنا أعيش حياةً تحتَ التهديد، فزوجي لا يرَى شيئًا في الدنيا سوى نفْسه فقط، فهو يُهدِّدني بالطلاق أو بالزواج مِن أخرى إنْ لم أُذعن صاغرةً لكلِّ أوامره، حتى لو كنت مريضةً وغير قادرة على تلبيةِ رَغباته الكثيرة، والتي يُلقيها لي كأني خادمةٌ دون كلمة حنان، وكأني لستُ زوجتَه التي وصَّاه الله ورسوله بها.
فهو للأسف تربَّى على أنَّ الزواج حلبةُ صراع، المنتصر فيها صاحب الصوت العالي والوجه المتجهِّم، ومَن يعطي أوامرَ أكثر!
وأنا الآن أعيش في توتُّر بالِغ، لا أعرف إنْ كان سينفذ تهديداتِه بالطلاق أم لا بعدَ عاصفته الأخيرة! أنتظِر قراره النهائي بعدَ خِصام قارب على الشهر، مع أنِّي أعرف النتيجةَ مقدَّمًا أني سأخضَع لأوامر الأهْل بأنْ أكمل حياتي كما هي؛ مِن أجْل تربية ابنَي اللذَين هما السبب الوحيد لاستمراري في حياة كهذه تخلو مِن أيِّ إحساس بالأمان.
ضعف يُراد به قوة :
ويرى محمد سامي البوهي - صحفي: أنَّ الموضوع شائك وتحكُمه ظروف كثيرة، منها: الجهل بمعاني الرُّجولة الحقيقيَّة، والتي تَعني الحِلم واللِّين وحُسن الحوار، وأعتبر هذا الفِعل جُرمًا يقترفه الزوج؛ ضعفًا في شخصيته، وانتقاصًا مِن رجولته، وهو في الغالب ضعفٌ يُراد به إظهار قوة، لكن في النهاية النتيجة هي النَّدم، وخاصة إذا تكرَّر التهديد وأصبح يهدِّد أمان الأسرة.
بعيد عن الدين:
أمَّا عصام مهران فيقول: هي للأسَف سِمة ذميمة مِن سمات الرَّجُل الشرقي؛ لفرْض سطوته على الزوجة، وبالطبع هذا الرجل المِطلاق بعيدٌ عن الدين، ونَصيحتي له الرِّفق في التعامل واللِّين، وحُسن التصرف بالعقل والتفاهُم المبنيّ على الاحترام الذي هو أصلُ الزواج.
وعن تأثير هذه الحروبِ الكلاميَّة وعُنف الألفاظ الذي يمارسه الزوج على مشاعر الزوجة كان حوارنا مع د. منَى أدبيس - أستاذ علم النفس التربوي بكلية التربية الأساسية جامعة الكويت:
لماذا يلجأ الرجل للحلِف المتكرِّر بالطلاق؛ هل هي عادة متوارثة، أم ضعفٌ في شخصيته؟
في عِلم النفس هناك أثرٌ لتوارث الاستعداد في أيِّ جانب مِن جوانب الشخصية للأبناء، ولكن هذه الاستعدادتُ دائمًا ما تكون ضعيفةً وقابلةً للتغيير والتعديل مهما كانتْ درجة قوَّتها لدَى الفرد، إذا امتلَك الفردُ الوعي والرَّغبة في التغييرِ مِن جهة والتعايش مع معطيات الحياةِ مِن جهة أخرى.
ولكن هناك أسباب أخرى قدْ تكون وراءَ هذا التصرُّف، منها:
1- أنها نوعٌ مِن إبراز مواطنِ السلطة والقوَّة لدَى الرجل الذي يُعاني من خلَل في اتزانه الانفعالي؛ نتيجةً لعدم القدرة على ضبط انفعالاته أو غضَبه، أو عدم قُدرته على مواجهةِ موقف الخِلاف، وعدم قدرته على حلِّها وفقًا لطبيعة وحجم الموقِف الذي يتطلَّب الردَّ ممَّا يَنتج عنه رغبتُه في إنهاء الخِلاف بلفظِ الطلاق أو التهديد به.
2- أنَّ هذا الشخص يستمتِع بصلاحياتِ الذُّكورة وسيطرة الرَّجل على المرأة، ويستمتع بولايةِ الرجل على المرأة مِن خلال السيطرة، أو التحكُّم بأفرادِ أُسرته، وليس مِن خلال المعاملة والتحلِّي بالصَّبْر والقُدرة على التفاهم والبحْث عنِ الأسباب الحقيقيَّة عنِ المشكلة، وليس إنهاءها بهذه الطريقة الخطأ.
3- تنشئته وتربيته في أُسرة والد يمارس نفْس السلوك والتصرُّف مع والدته، وللعلم هذا الفرد أثناءَ طفولته إمَّا أن يكونَ رافضًا ومستاءً مِن تصرف والده تُجاه والدته، أو أنَّه يتخذ مِن والده قدوةً له، وفي كلتا الحالتين العقل اللاواعي، أو ما يُعرف باللاشعور يُخزِّن مِثل هذه المشاهِد، ومتى ما أصبح هذا الشخصُ في موطن المسؤولية يتصرَّف بنفس طريقةِ والده في تعامله مع زوجته!
4- هناك نوعٌ مِن الرجال له شخصيةٌ غير مبالية، ولا يتمتَّع بحسِّ المسؤولية، ولا يهتمُّ بالعواقب التي قد تترتَّب على مِثل هذا التصرُّف، وبالتالي لا يهتمُّ إلا بنفسه، ولا يريد أن يزعجَ نفسَه، أو يكترث لاستقرار الحياة النَّفْسي لهذه الأُسرة، وأيضًا منشأ ذلك يعودُ إلى تنشئته وتربيته خِلالَ فترة طفولته ومراهقته.
5- وهناك أسبابٌ أخرَى تعود للمرأة، أو لطبيعةِ العلاقة بيْن المرأة والرجُل، خاصة إذا كانتِ الزوجة ليستْ هي المرأة التي حلم بالارتباط بها، أو فُرضت عليه مِن قِبل أُسرته، أو أنَّ هذه المرأة غير مبالية، أو حادَّة الطِّباع أو متسلِّطة، أو سيئة التعامُل، أو لا تلبِّي احتياجاتِه العاطفيَّة والجنسيَّة، ويُعاني معها مِن نقص في حاجاته المختلِفة، وموقفه بطبيعة الحال قدْ يكون ضعيفًا لعدم قُدرته على التعامُل معها، أو أنَّه لا يستطيع إدارةَ بيته أو حلّ مشاكله؛ نتيجةً لسوء العلاقة بيْنه وبيْن زوجته؛ لذلك يلجأ إلى التهديدِ بالحلِف بالطلاقِ كنوعٍ مِن السلطة لحلِّ مشكلاته العالِقة داخلَ الأسرة لرغبته بالتخلُّص مِن تأثير هذه الحياة التي هو في داخلِه يرفضها.
وكيف تتعامل الزوجةُ مع مِثل هذا الزوج؟
هناك إستراتيجيَّات فعَّالة للتعامُل مع مِثل هذا التصرف، ولكن قبل البَدء في العلاج يجِب البحث عن الأسباب الحقيقية التي وراء هذا التصرُّف والوقوف عليها، ومِن ثَم البحث عن أفضلِ الوسائل التي يُمكن مِن خلالها حلُّ المشكلة (التلفُّظ بالطلاق بشكلٍ متكرِّر مِن الزوج) لاستمرار الحياة الزوجيَّة بنجاح:
أولاً: على المرأة العاقِلة الواعية أن تبتعدَ عن مناقشة الأمور بطريقةٍ تُثير الرجل، والتي قد تدفَعه إلى الردِّ بتلفظ الطلاق، باستخدامِ الأسلوب والطريقة والوقت الذي يكون الزوجُ في حالة صفاء وانسجام وراحة لمناقشة الأمور، خاصَّة الحرِجة والتي تحتاج إلى تفكيرٍ وإلى صبر.
ثانيًا: على المرأة أن تكونَ واثقة بنفسها، وألاَّ تبني حياتها على أوهامِ الخوف مِن الانفصال، الأمر الذي يدفعها إلى الاستسلامِ لتصرُّف الزوج بالتهديدِ، أو الحلِف بالطَّلاق إلى الخنوع والاستسلام دون سببٍ وجيه، بل عليها أن تواجهَ هذا التصرُّف بالسؤال والبحْث عنِ الأسباب الداعية لمِثل هذا التصرف.
ثالثًا: على المرأة أن تحتويَ الرجل كما الطفل الصغير بعطفها وحنانها، وتبيِّن له أنَّ مثل هذا التصرُّف يهزُّ كِيان أسرتها وبيتها، وأنها حريصة على اتِّزانه وهدوئه، وتحاول أن تبحثَ عن الأمور المشتركة لتقريبِ وجهات النظر، وأن تتعامل بذكاءٍ حتى تُبقي هذا الزوجَ دون انفعال، وتساعده في التخلي عن مِثل هذا التصرف مِن منطلق الخوف عليه كزوجٍ وأبٍ وربٍّ لأسرتها، قبلَ أن يكونَ هذا السلوك مؤثِّرًا على بيتها وأبنائها واستقرارها، فالمرأة العاقلة الناجحة هي مَن تستطيع أن تحوِّلَ السلبيات إلي إيجابيات مِن خلال تعاملها الذَّكي القائِم على الاحتواء والحبِّ والاحترام، وتلبية الحاجات ومراعاة الظروف والفُرص، وتستغل كلَّ ما مِن شأنه أن يكبِّرها ويعزِّز من قيمتها ودَورها في حياةِ الرجل، حتى لو كان وجودُها ليس برغبةِ الرجل ولا مِن اختياره، فتكون هي سيِّدة الموقِف في بيتها وأميرة بمملكتها، وتسعد بحياتها وتسعد أسرتها بالنهاية، وتُبقي على حياة زوجيَّة ناجحة ومثمرة، وتُنهي حالاتِ الخلاف والتصرفات حتى لو كانتْ قاسية جدًّا.
وما نصائحك للزوج؟
أولاً: الرَّغْبة في التغيير والرَّغبة في التخلُّص مِن العادات السلوكيَّة السيِّئة تأتي مِن وعي الزَّوج بأهميةِ التخلُّص والتخلِّي والحِرص على التوقُّف عن هذه التصرُّفات، وهذا هو الأساس.
الأمر الثاني: متَى ما شعر الزوج بأنَّه مخطئ ومستاء مِن تصرفاته، حتى لو لم يخبر أحدًا بذلك فهو بدايةُ الطريق إلى التغيير وتعديل هذا السلوك، إلى جانبِ تدريب نفْسه على الهدوء باستخدامِ إستراتيجيَّات التنفُّس المختلِفة، والتأمُّل والصبر، حتى يستطيعَ أن يتخلَّص مِن مثل هذا التصرف.
فالتوجُّه إلى تنميةِ الذات والصَّبر على النَّفْس حتى يتغيَّرَ السلوك غير المرغوب بسلوكٍ إيجابي يحتاج إلى وقتٍ وصبر، وإلى مجاهدةٍ ومراقَبة النَّفْس طول الوقت، وخاصَّة في مواقفِ الاصطدام أو المناقشات الحادَّة، وهذا لا يأتي إلاَّ إذا كان لدَى الزوج الرغبةُ والحرص على استمرارِ وإنجاح الحياة الزوجيَّة.
أمَّا د/ خضر البارون - أستاذ الفلسفة بجامعة الكويت - فيرى:
لسانه فالت!
هناك نوعانِ مِن الأزواج:
النوع الأوَّل "لسانه فالت"؛ أي: يُطلق كلمة الطلاق في كثيرٍ من المواقف حتى التافه منها دون نيَّة واضِحة، وقد يكون يحبُّ زوجته جدًّا، ولكنَّها عادته التي ورِثها مِن بيئته، فهي مجرَّد عادة ليس أكثر، ولا تتعدَّى التهديد الفارغ مِن المعنى، وهذا الرجل تعرِفه زوجته جيِّدًا أنه (طق حنك) كما يقولون، وبمجرَّد تلبية رغباته يهدأ ويعود لطبيعته، والزوجة - وخاصَّة التي لديها أبناء، أو التي ليس لديها دخل، أو عائلة تساندها - عادة ًما تعتاد على طبيعةِ لسان زوجها المتفلِّتة، وقد تكون قد غضبت مرارًا في بداية زواجِها، ولكنَّها ومع مرور الوقت أصبحتْ تهديدات زوجِها لها بالطلاقِ كالصُّداع يذهب بمجرَّد أخْذ برشامة صغيرة، ثم تتوقع عودتَه مِن جديد، وهكذا تتأقلَم على حياتها، وعادةً تكون التأثيرات النفسيَّة عليها محدودة.
يُضمر أكثر ما يظهر:
أمَّا النوع الثاني مِن الرِّجال الذي يهدِّد بالطلاق، وتعرف زوجتُه مدَى نفوره وعصبيته، وأنَّه يضمر بقلبِه أكثرَ ما يُظهر مِن بغض أو كراهية، أو أنهما أصلاً غير متفاهمين مِن البداية، فيترك مِثل هذا النوع مِن الرِّجال تأثيرًا بالغًا على الزوجة مِن الشعور بعدم الأمان، وأيضًا عدم الجدوى مِن بذل أيِّ جهد في بيتٍ على شفا الانهيار، كذلك إنْ كانت المرأة ليس لديها سندٌ في الحياة مِثل عائلة قوية، أو لم يكن لها دخلٌ مادي تستند عليه إذا نفَّذ تهديده، أو لديها أبناء تضحِّي مِن أجلهم، فإنَّها عادةً ما تستسلم لهذه الحياةِ غير الآمِنة، وتُكابِد آلامها النفسيَّة، وأحيانًا كثيرة مَرَضيَّة تتمثَّل في إحساسها الدائِم بالصداع، أو بقرحة في المعِدة أو ارتفاع في الضغط، وغير ذلك مِن الأمراض المرتبطة بالحالة النفسيَّة.
حب زوجتك:
وعن النصائحِ التي يوجِّهها للزوج المِطلاق يقول البارون: أقول له: الحياة الآمنة القائِمة على الحبِّ والحوار والتفاهُم هي مَن يجلب لك الراحة والسعادة في بيتِك، وأنصحه أيضًا بالحبِّ، وأقول له: "أحبّ زوجتَك"، وامتثل لأمْر الله ولرسولِه بالمعاملة الليِّنة الطيبة لها؛ لأنَّ حبَّك ورحمتَك وعَطفك لزوجتك كلُّ ذلك بذور ستضعها في أرضِ خير، ولن تطرَح سوى زهور سيفوح عطرُها في أرْكان بيتك الذي وضعَك الله على قوامته.
وعن رأي الدِّين في ذلك يقول الشيخ القَرضاوي:
لغوٌ لا يوقع الطلاق:
عندما يحلِف الرَّجل بالطلاق فإنَّه يخرج بالطلاق عن مشروعيتِه، فالإسلام لم يجعلِ الطلاق ليكون يمينًا، اليمينُ في الإسلام لا يكون إلاَّ بالله، النبيُّ - عليه الصلاة والسلام - يقول: ((مَن كان حالفًا فليحلفْ بالله أو ليذر))، والحلِف إنما يكون بالله لا بالطلاق ولا بشيءٍ من هذا، إنَّما الناس اتَّخذوا الطلاق يمينًا فأوقع به الكثيرونَ الطلاق، وأنا أقول في هذا ما قاله بعضُ السَّلف ورجَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم وغيرهم: إنَّ هذا الطلاق لا يقَع، وفيه كفَّارة يمين، نُعامله معاملةَ اليمين، كما إذا حرَّم الرجلُ الشيء الحلال كأن يقول: حرام عليَّ أن أدخل هذه الدار، أو حرامٌ عليَّ أن أكلِّم فلانًا ثم كلَّمه أو دخل الدار، القول الصحيح: أنَّ في هذا كفَّارة يمين، وكذلك اليمين بالطَّلاق، هذا لا يقَع إنما فيه كفَّارة، ومثل ذلك الطلاق المعلَّق، وبعض الناس يُعلِّق الطلاق على أشياءَ لا ذنبَ للمرأة فيها، يقول لها: إنْ دخلتْ عليك أختي في داري تكوني طالقًا، ثم إنَّ أخته تكْرَه زوجته فتدخُل عليها، ما ذنبُها هي؟! إن كلَّمتك فلانةٌ فأنت طالق، فإذا كلمتْها فلانة فماذا تفعل هي؟ أحيانًا هناك أنواعٌ مِن الطلاق المعلَّق غريبة جدًّا، ومع هذا نرَى أهل الفتوى يتسارَعون في إيقاعِ هذا الطلاق! أنا مِن الذين يَميلون إلى التضييق في إيقاعِ الطلاق، وهو مذهب الإمام البخاري، وهو ما رجَّحه ابن تيمية وابن القيِّم ومدرسة التجديد الإسلامي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الألوكة
fiogf49gjkf0d |