fiogf49gjkf0d الحنان مع البسكويت
عبير النحاس
كنت أراها تجلس على كرسيها الصّغير, تتناول قطعة من (البسكويت), ودمعة على وجنتها، تسارع الخطا نحو فستانها الورديّ، وكانت خصلة طويلة من شعرها الأشقر, تلاعب وجهها الجميل، فترجعها بيدها نحو الخلف وهي تسترق النظر إلى وجه والدتها الغاضب.
لم يكن يخفى على مثلي أن تناول الصغيرة (للبسكويت) - وهي تلعب مثلاً أو تركض في أنحاء المنزل-هو فعلاً مشكلة، وأن تنظيف ما ستنثره على السجاد أو الأرضيات ليس بالأمر السهل.
ولكن تناول الصغيرة لطعامها ممزوجاً بدموعها وحزنها لن يكون وجبة مثالية بالتأكيد, وبالتالي فإن معاملتها كطفلة لم تتجاوز العام الثالث أمر يحتاج قليلاً من الحكمة والكثير من اللين.
أذكر أن تلميذاً كثير الشّغب في حصّتي – كان قد ألِفَ الحائط وألِفهُ – اقترب مني يوماً في الطّريق, مبتسماً ومسلّماً. لم يكن غضبي متواجداً بيننا وقتها, فرأيته على حقيقته, رأيته صغيراً، دقيق الأطراف, نحيل الجسم, ضعيفاً, مسكيناً, محبًّا. ولم أجد ذلك الندّ, الذي جعلت مكانه قرب الحائط.
ولا تسأل عن الندم الذي لازمني منذ ذلك اليوم.. كنت أحمل له بعدها قطع السكر, فأجد تلميذاً مطواعاً محباً, وباتت نظرتي لكل الّتلاميذ مختلفة؛ رأيتهم صغاراً حقاً, ووجدتني بينهم لا تزعجني حركاتهم و تعليقاتهم, ولا أخفيكم باتت أيامي معهم أجمل.
أما كان حرياً بتلك الأم أن تحتال على طفلتها, لتطعمها السرور مع قطعة (البسكويت)؟!
أليس أمراً ضرورياً أن ندرك جميعاً كآباء, أو معلمين, أنهم ما زالوا صغاراً, وأننا يجب أن نتعامل معهم من هذا المنطلق؟!
إن العطف والحنان والشفقة، أحجار زاوية في عملية التربية، وعلينا أن نمزجهما بكل نشاط من النشاطات المدرسية حتى تنجح العملية التربوية، وتكون تربية بالحب لا بالإكراه والغصب والتهديد والوعيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نوافذ fiogf49gjkf0d |