تمت الإضافة بتاريخ : 22/05/2012

تجارب حياة

لأمهات نجحن في غرس حب الرسول في قلوب الأبناء

 

•المكان.. قاعة الدرس في أحد معاهد البنات.

•الزمان.. صباح يوم دراسي.

•الأشخاص.. المعلمة وطالبات أحد الفصول.

•الموقف: بود ومرح ألقت المعلمة بعض أسئلة السيرة على الطالبات في بداية حوار أرادت أن تجعله تمهيداً لأحد الدروس، ولم تشك لحظة في قدرة الطالبات على الإجابة، فهي أسئلة بديهية وأساسية عن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وصحابته وآل بيته.

النتيجة:

الإجابات غير الصحيحة ومنها:

-اسم الرسول محمد بن عبد المطلب.

-أمهات المؤمنين عددهم (6).

-أمهات المؤمنين هن " بنات النبي".

-أنجب الرسول (3) أبناء.

-أنجب النبي (4) بنات فقط.

-توفى الرسول وعمره (50) عاماً.

-أدى الرسول الحج (3) مرات.

-اسم أم النبي آمنة بنت خويلد.

-بعث رسولاً في سن الـ 25 .

-كان صاحبه في الغار " علي بن أبي طالب" وعندما سألنا هؤلاء الأبناء عن أغاني ومطربي الفيديو كليب، كانت الإجابات متوفرة وسريعة لا تردد فيها وذلك على مستوى عينة مؤلفة من "19" من الأبناء ما بين سن العاشرة إلى الستة عشرة عاماً، ولم يجهل الإجابة سوى اثنين فقط!!!

بين الدين والغرب

والسؤال الذي يفرض نفسه بعد ظهور ذلك الجهل البين بسيرة النبي وفي المقابل إتقان سيرة مطربي الفيديو كليب وأغانيهم هو كيف لنا أن نقتدي بمن لم نعرفه؟!! ومن المسئول عما صار إليه أبناؤنا؟ ذلك ما سعت ولدي لبحثه من خلال التحقيق التالي، لنضع بين يديك- عزيزي المربي- الصورة الكاملة لطبيعة المشكلة، والحلول المقترحة لعلاجها.

اعتدال

بداية علينا أن ننوه على نقطة هامة وأساسية وهي أن الاعتدال هو منهج الإسلام، فلا إفراط ولا تفريط، ومن حكمة الله تعالى أن تمثل ذلك الاعتدال والوسطية في كل جوانب حياة الرسول الكريم حتى في الصفات الشكلية والجسدية، فلا هو صلى الله عليه وسلم بالقصير ولا بالطويل، ولا بالأبيض ولا الأسمر وإنما هو وسط في كل شيء، وقد دارت في أذهاننا عدة تساؤلات- فالأمر يستحق الاهتمام- ومن تلك الأسئلة ما الوسائل التي تعيننا على الإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم بصدق واعتدال؟ وما الأسلوب الأمثل لنحب ونحبب أبناءنا في الرسول الكريم؟ وما تلك التجارب التي عاشتها بعض الأسر؟ وما نتائجها؟ وهل في مكتبتنا العربية الإسلامية من الإصدارات والكتب ما نستعين به في تلك المهمة؟

كل تلك التساؤلات تجد إجاباتها- عزيزي المربي- من الحوار التالي عن السنة النبوية، والذي خرجنا منه بنتيجة هامة وهي أن حب السنة والتفاعل معها بشكل عملي هو المدخل الرئيسي لحب الرسول صلى الله عليه وسلم.

فلسطين أو المدينة

ومن التجارب النافعة التي ذكرتها إحدى القارئات في رسالة وردت إلينا والتي تعد مدخلاً هاماً يوضح لنا الأثر الكبير لدراسة شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم عن قرب في هداية الإنسان، قصة أحد الأمريكيين الذي يروي أنه كان من رجال العصابات ووقع بين يديه كتاب يتحدث عن رجل اسمه محمد، وقد أعجبه هذا الكتاب كثيراً، فراح يقرأ على أبنائه الصغار قصة حياة محمد.. الذي أحب الإسلام عن طريقه، وأدى هذا الحب إلى أن أسلم مع ولديه وجاء إلى فلسطين وقال إنه إن لم يستطع العيش في فلسطين فسوف يعيش في المدينة المنورة.

سنة عملية

وكان رأي الأستاذ منتصر "ماجستير في الحديث النبوي" من المهم أن ننتقل بالحديث لحيز التطبيق فلن يحقق حفظ أبنائنا لبعض الأحاديث هدفه إلا إذا انتقلنا بها من مجرد الألفاظ إلى حيز التطبيق، فمثلاً يمكننا أن نوضح لطفل عمره "5 سنوات" أثر السواك على الفم بالممارسة العملية، ثم نبين كيف اهتم الإسلام على لسان الرسول الكريم بأدق ما ينفع المسلم في دينه ودنياه حين قال: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة" وكذلك الوضوء وأثره، وقد أوردت إحدى الصحف خبراً عن أن دولة جنوب إفريقيا توجد بها أقل نسبة في الأشخاص الذين يتعرضون للعمى وذلك لأنهم دائمو الوضوء والغسل.

دور القدوة

وفي مجال تحويل السنة لسلوك عملي تفيد القدوة كثيراً، وتؤكد التجربة ذلك. فقد روت "سميرة عمر" وهي معلمة وحاصلة على ماجستير في الحديث الشريف أنها تمارس القدوة العملية مع تلاميذها فحين أذن لصلاة الظهر جعلت الطالبات يتوقفن لحين الانتهاء من الأذان مع الترديد خلف المؤذن ثم الدعاء بعد الأذان، ومع تكرار ذلك أصبح هذا الأمر عادة يفعلونها دون توجيه، ولا يقتصر ذلك على الطفل المدرك فقط بل يبدأ دور القدوة من سن الرضاعة، وذلك بترديد الأدعية والأذكار المرتبطة بالصباح والمساء والمواقف المختلفة وثبت أن ذلك ييسر قبول الطفل لأداء السنة بحب وارتياح لأنه تشربها منذ البداية.

وقد روى أحد القراء مشاهدة وتجربة مفيدة فيذكر أنه رأى في إحدى زياراته للهند وفي أحد المساجد أباً يرفع يد طفله ذي الثلاث سنوات للدعاء، وعندما سأله وهل يعي في هذه السن؟.. قال له: حتى يعتاد، كذلك هناك أب اجتمع على مائدة الطعام مع أبنائه الثلاثة، ثم وضع أمام كل طفل على الطاولة بطاقة، كتب على إحداها حديثاً يخص آداب المائدة " كل مما يليك" والبطاقة الثانية عن التسمية " سمِّ الله" والثالثة فيها حديث يوضح أن من السنة لعق الأصابع، وقد جعل كل ابن يحفظ الحديث الوارد في بطاقته، ولا يخبر الآخرين به، ثم يقوم كل منهم بتمثيلية بسيطة يعبر بها عن الحديث في بطاقته، والفائز من يتعرف على هذا الحديث دون ذكره.

تشويق وقد وردت إلينا رسالة توضح أن لعنصر المفاجأة والتشويق أثره البالغ في نفس الطفل فقد روت إحدى الأمهات تجربة نافعة حين ظلت تقص على طفلها قصة مشوقة عن رجل خلوق ولين يتعامل مع الأطفال والحيوانات وجميع المخلوقات برفق ولين وسعة صدر ولم تذكر اسم ذلك الرجل الرحيم وعندما يسألها الطفل في نهاية القصة كل يوم تقول له، غداً أخبرك، وبعد أسبوع كامل من التشويق والإثارة أخبرته أن هذا الرجل هو النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد تعلق به وأحبه.. فكان من السهل عليه بعد ذلك قبول بقية السنة.

لكل مقام مقال

يرى الدكتور " سلطان " وهو أستاذ مختص بالحديث الشريف أهمية فرز الأحاديث الخاصة بالأطفال وجمعها ومن الواجب والمفيد أيضاً أن يراعي الوالدان أن يناسب أسلوب عرض السنة سنة وطبيعة الأبناء،

فالطفل الصغير مثلا تجذبه قصص الرحمة والحيوانات وقصص البطولة ومثل ذلك.. أما الأبناء في سن المراهقة، فهم يحبون من القصص ما يحترم عقولهم ولذلك يناسبهم رواية قصص تحكي عن الخطط العسكرية والغزوات والبطولة، ويرى "صلاح" 17 سنة " حافظ لكتاب الله" أن التنافس بين أفراد الأسرة يفيد، فعند الجلوس على مائدة الطعام أو ركوب الدابة أو أي موقف يكون السابق الفائز فينا هو من يذكر الحديث المناسب.

أفكار للتنفيذ

وفيما يلي نعرض في نقاط مركزة ما يمكن أن نخطوه من خطوات تصل بنا بإذن الله لأن يحب أبناؤنا الرسول صلى الله عليه وسلم فيسعدوا في الدارين ونسعد وإياهم بمجاورة النبي الأعظم في جنات النعيم وذلك على حسب رسالة وصلت إلينا من الأخت حنان:

1-أن نكون قدوة لأبنائنا، فإن أحببنا نحن الرسول وحولنا السنة لسلوك عملي، فسيقلدنا الأبناء.

2- ذكر القصص والمواقف البطولية للرسول وبأسلوب مشوق، خاصة قبل النوم وفي المناسبات الملائمة لها.

3- كثرة ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، والصلاة عليه أمام الأبناء.

4- تنظيم رحلات نتبع من أولها لآخرها سنة المصطفى.

5- نخبر الأطفال بحب الرسول لهم وأنه يوصي بهم خيراً.

6- نوضح لأبنائنا أن هذا الدين لم يصل إلينا بسهولة ويسر وإنما جاهد الرسول وأصحابه وتعبوا ليصل إلينا ونعيشه واقعاً فعلينا ألا نضيعه.

7- ومن أهم الأشياء المؤثرة في هذا الصدد أن يخصص رب الأسرة جلسة يومية أو على الأقل أسبوعية يجمع فيها أفراد الأسرة ويحدثهم عن الرسول بحب، وأن تتسم تلك الجلسة بالمرح فهذا مما يقرب بينهم وبين رسولنا الكريم ويسهل عليهم إتباع السنة.

8- ومن المفيد أيضاً تحبيب الأبناء في القراءة المفيدة في الكتب التي تتحدث عن سيرة المصطفى وسنته صلى الله عليه وسلم.

بين السيرة والسنة

توجهنا إلى الدكتور عيسى زكي ( المستشار الشرعي بوزارة الأوقاف) الذي يؤكد على الصلة الوثيقة بين السنة النبوية وهي أقوال وأفعال وإقرار وصفات الرسول صلى الله عليه وسلم الخُلقية والخَلقية، والتي هي تشريع وقدوة عملية وبيان عملي للقرآن الكريم، وبين السيرة التي هي ترجمة عملية للسنة موضحاً أن الجهل بسيرته صلى الله عليه وسلم هو فقدان للقدوة الحقيقية التي اختارها الله لنا، وعلى هذا فالمسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة ونظام التعلم والإعلام ومراكز التوجيه في المجتمع، ولا يكفي أن نقدم فقرات أو برامج معزولة عن بعضها البعض، بل يجب أن تنسجم مع السيرة بوصفها ترجمة عملية للسنة ونقدم فيها القدوة النبوية بأرقى وأفضل الوسائل.

عدو ما يجهل

ويضيف د.عيسى زكي أن الإنسان عدو ما يجهل، بمعنى أنه يقف موقف الريبة والشك ممن لا يعرفه، فكيف إذا طلبنا منه أن يقتدي به، ولذلك كانت حكمة الله في جعل حياة النبي صلى الله عليه وسلم مكشوفة للناس حتى في أموره الخاصة والمقياس في ذلك أن القدوة الصالحة هي التي يصح الإقتداء بها في كل زمان ومكان.

خطوات للعلاج

وينصح د.عيسى زكي ببعض خطوات لزرع حب السيرة في نفوس أبنائنا ومن ذلك:

1-أن تكون السيرة جزءاً أساسياً من المناهج التربوية في مدارسنا.

2-أن يهتم الأبوان بغرس السيرة في عقول وقلوب الأبناء منذ طفولتهم.

3-ضرورة ربط السيرة بالحياة المعاصرة حتى لا يشعر الأبناء أنهم يتعاملون مع تاريخ فقط.

4 خسائر

ويؤكد الأستاذ خالد القطان موجه أول التربية الإسلامية في وزارة التربية بدولة الكويت أن الخسارة فادحة عندما يستمر ضعف الصلة بين المسلم وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذلك على سبيل المثال:

1-ضعف ثم انقطاع الصلة بالسنة التي هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي.

2-انقطاع الإلمام بقيم الإسلام وحضارته وبالتالي فقد الهوية.

3-حرمان أبنائنا من أعظم مصادر القدوة.

4-الوقوع فريسة سهلة أمام سهام التشويه المسمومة الموجهة للدين الإسلامي نتيجة عدم القدرة على الرد على ادعاءات أعداء الإسلام.

ولتجنب تلك الخسائر يجب على كل وسيط من الوسائط التربوية القيام بدوره ومن ذلك:

دور المدرسة:

أما المدرسة فمسؤوليتها عظيمة وخاصة أقسام التربية الإسلامية ومن ذلك:

1-عرض مواقف السيرة النبوية في إطار الخطط الدراسية بأسلوب علمي شيق وجميل.

2-تنمية قدرات المعلمين وتطوير إمكاناتهم في التمهيد الجيد للمعلومة ثم العرض الشيق أيضاً.

3-توظيف الوسائل التعليمية في العرض واستخدام الحاسب الآلي استخداماً واعياً لعرض مفاهيم الدروس.

4-تغطية مسابقات المادة وأنشطتها الرائدة والمتجددة كل عام، ونبه أن ممارسة السنة من أهم أسباب التوصل لحب النبي صلى الله عليه وسلم.

تجربة عملية

فيما يلي نقدم لك- عزيزي المربي- خلاصة تجربة أم وهي أم نجحت في وصل أبنائها بالرسول صلى الله عليه وسلم الأمر الذي نتج عنه حب وصدق إتباع.

1-"من أطاعني دخل الجنة " ومفهوم هذا الحديث يتم نقله من خلال الحديث مع الأولاد ومناقشتهم فيما رواه في المدرسة أو النادي وتوضيح الأخطاء والأفكار وذلك في وقت الطعام أو غيره وما يجب عليهم فعله يتناسب مع أقوال وأفعال الرسول الكريم.

2-اللعب مع الطفل الصغير تحت 3 سنوات وأسأله تحب أباك أم أمك ونعلمه أن يجيب أحب الله ورسوله.

3-ذكر الأدعية المأثورة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في المواقف اليومية بصوت مرتفع وذلك عند بدء تناول الطعام أو ركوب السيارة أو النظر إلى المرآة أو عند لبس ثوب جديدة أو الدخول إلى الخلاء وليس بأسلوب التلقين والتحفيظ.

4-البدء بتحفيظهم الأحاديث النبوية القصيرة المكونة من كلمة أو كلمتين مثل ( لا تغضب) و( عليكم بالصدق) ولا تزيد عن 4-5 كلمات وذلك من كتب الأحاديث النبوية للأطفال.

5-بالنسبة لصغار السن ( أقل من 3 سنوات) جمعت القصص المصورة من قصص سيرة الرسول من منهاج المسلم الصغير ونقرأها سويا بالصور.

6-الحديث معهم عن حب الرسول لأمته حباً شديدا وأنه قد غشي عليه عندما علم أن هناك دركة من دركات النار لبعض من أمته ونشرح لهم كيف تكبد رسول الله المشاق الكثيرة حتى يصل لنا هذا الدين ويشهد له القرآن بذلك فيقوله تعالى: ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين).

7-في إجازة الصيف نعقد لهم جلسة بعنوان " من سيربح الجنة" ونضع أمامنا المكسرات والحلوى ومن خلال قراءتنا لكتاب السيرة " الرحيق المختوم" نربط مواقف حياتنا بسيرة النبي ونجعلهم يقارنون ماذا يمكن أن يفعلوا لو أنهم كانوا في موقف الرسول يوم كذ وكذا.

8-المكافآت المادية عند حفظ الأحاديث النبوية مثلما نعمل في حفظ القرآن.

9-معالجة الأخطاء والمشاكل، ورد كل شيء إلى الله ورسوله مثل: عندما يمزح ويكذب نرجعه فورا إلى مرجعية " لا أمزح إلا حقا" وعندما يتطفل على أحاديث أقرانه نذكره بالحديث " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".

10-تحديد الأعمال الواجبة عليهم مثل المذاكرة والتنظيف وأكافئهم معنويا بالدعاء لهم من أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم ومرافقته في الجنة.

11-نحبب لهم الطعام الذي كان يتناوله ويحبه الرسول كالتمر والعسل والثريد ولحم الكتف.

12-إظهار الحزن والآسى عند قراءة خبر في مجلة أو جريدة عمن يتطاولون على رسول الله مثل سلمان رشدي ونسرين تسليمه وغيرهما وتوضيح أن فهمنا لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم يمكننا من الرد على أمثال هؤلاء الذين يتعمدون نشر أفكارهم معتمدين على جهلنا بصفة أساسية.

13-كتابة ملصقات صغيرة بها أحاديث نبوية على مكتب المذاكرة تناسب مراحلهم السنية وتكون رداً وحلاً لبعض مشاكلهم وتغيير هذه الملصقات من حين لآخر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

متابعات

fiogf49gjkf0d
fiogf49gjkf0d