الأسرة.. كيف تعيش بلا ديون؟
بقلم: جمال ماضي
1- النبي والديون
- الدين والكفر:
سمع أحد الصحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "أعوذ بالله من الكفر والدين"، فقال: يا رسول الله، أتعدل بين الكفر والدين؟ فقال النبي: "نعم".
- الاستعاذة من الدين:
وكان من دعائه- صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"، فقد يقول البعض: نعم غلبة الدين شديدة علينا، ولكنَّ الظروفَ من حولنا صعبة؟، وكأنه يبحث عن مبرر يسوغ له الاستدانة.
وبدورنا نسأل: ألم تكن الظروف صعبة؟ بل أصعب حول النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو يستعيذ من الديون؟، ثم إنَّ الاستعاذةَ من الدين هي سنة نبوية بغض النظر عن ظروف صعبة أو سهلة؛ لأن حكمتها في الاستعاذة من هذه الظروف الصعبة أن تلجأ الإنسان إلى الاستدانة.
- لماذا الاستعاذة؟
بسؤال بعض الأسر: لماذا كانت الوقاية من الديون مطلوبةً؟ ولماذا كانت الاستعاذة من الديون مرغوبة؟
اتفقت إجابات الأسر على ثلاثة أشياء:
1- الدين يهدد حياتنا الزوجية: فكم أفسد علاقات كريمة بين كل زوجين، وأنهي حياةً سعيدةً قائمة إلى حياة مهينة، فهو يهدد صلة الزوجين ببعضهما، واستقرار حياتهما، وسعادتهما المنشودة.
2- الدين يهدد حياتنا الأسرية: فالترابط الأسري تنفك خيوطه، وتتهاوى العلاقات التربوية بالأبناء، تحت سكين الدين التي تذبح كل استقرار أو استمرار.
3- تهدد حياتنا الاقتصادية: حيث يحل محلها في داخل بيوتنا الفوضى، وبدلاً من الادخار والميزانية المعتدلة والحياة الكريمة، يهجم الدين على كل ذلك بالتدمير والفتك، فتظل الحالة الاقتصادية دائمًا في التأخر، ويصعب أمامها الحلول والعلاجات.
2- فمن أين تأتي الديون؟
تعالوا بنا نناقش معًا الإجابة عن هذا السؤال:من أين تتراكم الديون؟ وكيف تبدأ؟ وكيف تنمو؟
وكيف تتحكم فينا؟ وكيف تنمو؟
وأقدم لكم الأسباب التي من أجلها تأتي الديون، كما وردت من النقاش حول هذه الأسئلة، مع بعض الأسر:
1- جاءت الديون من تمويل أنماط استهلاكية من توفيرٍ للطعام والشراب والملبس والمواصلات وتكاليف الحياة بشكلٍ يليق بالمستوى الاجتماعي للأسرة، خاصةً من حيث النوعية والماركة والشهرة.
2- جاءت الديون من المحافظة على مستوى معيشي ترفيهي، قد تعوَّدت عليه بعض الأسر، من إجازات وتنزهات وسفر ورحلات وحفلات، من الصعب أن نتنازل عنه أو نقلل منه.
3- جاءت الديون من القروض البنكية التي هي كالسيف المصلت على الأعناق، خاصةً الديون الربوية التي هي كالسرطان المدمر للبيوت والأسر.
- عمر وصحبه:
لقد كان عمر بن الخطاب يسير يومًا مع صحبه فاشترى أحدهم شيئًا، وكعادة بشرية الإنسان، فانكب الجميع يشترونه، فسألهم عمر: لماذا؟ قالوا: اشتهيناه، فصرخ فيهم: "أو كلما اشتهيتم اشتريتم".. وصارت مثلاً، ثم سرت قاعدةً في كلِّ عمليات الشراء!.
3 - لماذا نشتري؟
هل سألتم أنفسكم قبل أي عملية شراء هذا السؤال: لماذا نشتري؟
ثم اسألوا أنفسكم:
- هل أشتهي هذا الشيء؟
- هل أرغب فيه؟
- هل أحتاج إليه؟
ثم اعرض الإجابات على هذا الكشاف، لتكتشف أين أسرتك من هذه الأنواع الأربعة:
1- أسرة استهلاكية:
- الشراء من أجل الشراء.
- الشراء عادة وسلوك في الأسرة.
- السلع جذابة ومغرية ورائعة.
- هناك أكازيون لا يفوت الأسرة.
- هناك تخفيضات فهي فرصة.
2- أسرة انتقائية:
- هل أشتري شيئًا خارج قائمة المشتريات؟
- هل أشتري شيئًا مجرَّد جاء في ذهني؟
- هل أشتري لأن الشراء عندي عادة؟
- سؤالك عجيب فلماذا المحلات مفتوحة؟
3- أسرة مدمنة شراء:
- هل حاولتم التخلص من إدمان الشراء؟
- هل تشتري لإشباع رغبة داخلية؟
- هل تشتري شيئًا لا تحتاج إليه؟
4-أسرة الكماليات:
- هل تشتري لتكتمل عندك ظروف الحياة؟
- هل تشتري لتقلد، فكل البيوت عندها هذه السلع؟
- هل لا بد من اكتمال كماليات البيت؟
4- فما العلاج؟
1- تهذيب السلوك:
من أهم أهداف تربية الإنسان، تهذيب السلوك، وترجع أهميته في المعاملات مع الحياة، ونحن هنا بصدد تهذيب السلوك في التعامل المالي خاصة في عمليات الشراء.
وتأثير ذلك الأسلوب على الأسرة حيث يقتدي الأبناء بالآباء، وتقتدي الأسر بغيرها من الأسر، والغرض بتهذيب السلوك الشرائي هو التطبيق الفعال في حياتنا الأسرية؛ بحيث يصبح سلوكنا سلوكًا معتدلاً متوازنًا يعود بالفائدة على كل أفراد الأسرة.
ومن تهذيب السلوك أن يعي البيت ويعيد ترتيب الأولويات من جديد، فيضع كل شيء في مرتبته، فلا يُقدِّم الكماليات على الحاجات، ولا يُضخِّم في الأساسيات، ولا يجعل الإسراف حقًّا على البيت سواء كان للزوجة أو الأبناء.
وفي ترتيبِ الأولويات من جديدٍ لا بد من مشاركة كل أفراد الأسرة: في صورةٍ جماعيةٍ وشورية، مما يُعطي للجميع حافزًا ودافعًا للتعاون والالتزام والسير وفق الميزانية المقررة.
2- جعل العادة عبادة:
ولا يتحقق ذلك إلا بموافقة الشرع لكل سلوكاتنا الشرائية، وأهمها في:
أ- النهي عن التبذير: ?إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)? (الإسراء)؛ ولذلك فعلى كل أسرةٍ أن تنتبه إلى صور التبذير الخفية فتحذرها، وتسأل نفسها:
- هل التبذير في شراء الكماليات؟
- هل التبذير في شراء أشياء غير مطلوبة؟
- هل التبذير في الشراء الترفيهي؟
ب- وسطية الإنفاق لا بخل ولا إسراف: ?وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)?.
وعليه فعلى كل أسرةٍ أن تنتبه وتلتزم بصور الوسطية، وتسأل نفسها:
- هل الوسطية في توفير الشيء ولكن بسعرٍ مناسبٍ ونوعيةٍ مناسبة؟
- هل الوسطية شراء الشيء المتوسط سعره فليس بغالي ولا رخيص؟
- هل الوسطية لأن المال موجود وميسر وليس هناك مشاكل؟
ولتحذر البيوت من الإسراف ووزر المسرفين؛ إذ إنهم لم يهتدوا بهدي الإسلام، ويحملون وزر من قلدوهم في الإسراف، ولم يقوموا بحقِّ التكافل، ولم يقرضوا المحتاج بدلاً من إلجائه إلى ربا البنوك.
3- موافقة الإمكانات الاقتصادية وضبط الطموحات: والعمل على تحقيق الحلم إلى حقيقة، وليس كما يسير البعض وفق قواعد ليس لها أي أصل، مثل: (وفق المال المتوفر لديك عش حياتك)، (ليس بإسرافٍ مع وجود المال)؛ ولذلك على كل بيتٍ أن يسأل نفسه بدقةٍ ووضوحٍ، ويجيبُ بصراحة على هذه الأسئلة:
- هل يمكن أن يستدين البيت من أجل الكماليات؟
- هل يمكن أن يستدين البيت لمجرد تقليد الغير في مستواه؟
- هل يمكن أن يستدين البيت للمحافظةِ على مستواه الاجتماعي؟
- هل يمكن أن يستدين البيت على أمل القادم مستقبلاً؟
_____________________________
المصدر: موقع إسلام أون لاين
fiogf49gjkf0d fiogf49gjkf0d |