وقولوا للناس حسنا
حيدر احمد الصافح
الشتم والبذاءة والسب والقذف والطعن الأنساب والفخر بالأحساب والهمز واللمز وإثارة النعرات.. كل هذه من عادات الجاهلية وصفات الجاهلية، ولا تصدر من عاقل سوي؛ فضلاً عن مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر.
قد يوجد في القبيلة الواحدة، أو المدينة الواحدة، أو في الشعب الواحد بعض السفهاء ممن ينطقون بالسوء والفحشاء، ويقولون منكرا من القول وزوراً، ولكن يبقى في كل أسرة وقبيلة ومدينة وشعب عقلاء أسوياء يترفعون عن الدنايا، ويعفون السنتهم عن قالة السوء، وتجريح الآخرين، ولكن المصيبة العظمى حين يكون الشتم والسب والقذف والطعن والبذاءة ثقافة للمجتمع يتراشق أفراده الشتائم فيما بينهم، ويتبارون في ذلك ويتباهون.. لا يردعهم دين ولا خلق، ولا يمنعهم عرف سليم، لا يوقرون كبيراً، ولا يرحمون صغيراً، ولا يعرفون لعالم حقه، ولا ينزلون الناس منازلهم، ولا يعترفون لذي الفضل فضلهم، وهذا إنما يكون عند انعدام الإيمان، وفقدان خلق الحياء الذي يعد شعبة كبيرة من شعب الإيمان.
وقد أثبتت الأحداث أن مجتمعنا اليمني قد حاز قصب السبق في السباب والشتائم، ونشر غسيله على الفضائيات والمواقع الإليكترونية وعلى الصحف، حتى الجدران لم تسلم من ألفاظ الفحش والتفاحش، وهذا أمر لا يسر ولا يشرف؛ فأين العقلاء؟ وأين العلماء؟ وأين أهل الفكر والسياسة والأخلاق والأدب؟ ألا يمكن أن يصنعوا شيئاً للحد من هذه الظاهرة السيئة الآخذة في التوسع والانتشار ينشأ فيها الصغير ويهرم فيها الكبير؟!
ألا من ميثاق شرف يلتزم به الجميع ويهتدوا للتي هي أقوم آخذين بعين الاعتبار قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء».
ورحم الله أبا تمام الذي قال وأحسن:
يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما بقي اللحاء
أما والله ما في العيش خيرٌ *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
إذا لم تخش عاقبة الليالي *** ولم تستح فافعل ما تشاء
وقال:
إن فاتنا نسب يؤلف بيننا *** أدب أقمناه مقام الوالد |