المشرف العام
خلاصات
فن الاستمتاع.. كيف تكون سعيدًا وناجحًا وقويًا؟
 
تمت الإضافة بتاريخ : 23/10/2013م
الموافق : 19/12/1434 ??
fiogf49gjkf0d

فن الاستمتاع.. كيف تكون سعيدًا وناجحًا وقويًا؟

المؤلف:د. توفيق أحمد القصيِّر

الناشر:وهج الحياة للنشر

سنة النشر:2009م، 1430هـ

قراءة:إبراهيم بن عبد العزيز الخميس

يتحدث الكتاب عن مُثَلّث افتراضي للسعادة، أضلاعه الثلاثة: الجسد والعقل والروح، ويقصد بالجسد: الاحتياجات الفسيولوجية وما يتبعها من سلوكيات، ويقصد بالعقل: التفكير والتحليل والمنطق وما يتبعها من سلوكيات التعلُّم والتجديد، ويقصد بالروح: الإيمان والعواطف وما يتبعها من طاقة وروحانية وابتهاج.

ويفترِض لكلّ عنصر من العناصر المتحكمة في السعادة مجموعة من الدوافع والسلوكيات على النحو التالي:

الدوافع الجسدية: الغريزة، والتواضع، والطمأنينة، والإرادة، والإقدام، ويتولد عنها– على التوالي– سلوكيات: الاعتدال، والتواصل، والتوازن، والقيادة، والمخاطرة.

الدوافع العقلية: التفاؤل، والقناعة، والثقة، والتقدير، والابتكار، ويتولد عنها– على التوالي- سلوكيات: الانفتاح، والعطاء، والتعلُّم، والتذوق، والتجديد.

الدوافع الروحية: التأمل، والإيمان، والرحمة، والحبّ، والرضا، ويتولد عنها– على التوالي– سلوكيات: الطاقة، والروحانية، والعدل، والكرم، والابتهاج.

ثم يتطرّق الكتاب للهالات التي تحيط بجسم الإنسان ومحورها العصب الشوكي في العمود الفقري، حيث يصدر عن مركز الطاقة في الجسم ثلاث هالات: هالة الجسم (سمكها من 5 إلى 10 سم) وهالة العقل (من 10 إلى 15سم) وهالة الروح (سمكها من 15 إلى 50 سم)، وهذه الهالات مرتبطة بالموجات الكهرومغناطيسية المتولدة من دوران اسطوانتي السلوك والدوافع الافتراضيتين!، وهذه الهالات يمكن أن يراها مَن يمتلك مهارة الاستبصار (العين الثالثة)، كما يمكن تصويرها بأجهزة متوافرة في الأسواق. وقد استغرق المؤلِّف من عمره- كما يقول- ثمانية أعوام في البحث والتأمل ليخرج بهذه النظرية التي أسماها "نظرية السعادة".

ومع أنَّ الكتاب احتوى على معلومات جديرة بالاهتمام إلا أنه لم يقدِّم أدلة علمية أو شرعية لإثبات ما افترضه المؤلف من افتراضات.

عناصر السعادة الثلاثة الجسد والعقل والروح:

لا إشكال عندي في تكوين الإنسان من روح وجسد وأن لكل من الروح والجسد متطلبات يتحدّد على أساس إشباعها سلوكيات محددة، لكنّي لم أفهم كيف يكون التفكير والمنطق قوة دافعة أو سلوكًا مشاهدًا، فالتفكير ممارسة ذهنية لها دوافع تسببها، ونتيجتها أفكار لا يمكن وصفها بأنها سلوك مشاهد.

كما يلاحظ وجود خلط في منظومة الدوافع والسلوك التي وضعها المؤلف، من ذلك:

- الغريزة دافع من دوافع السلوك يقصد بها الحاجات الفسيولوجية ومطلوب إشباعها باعتدال، لكن هذا لا يعني أن السلوك الناتج عنها هو الاعتدال!.

- الإرادة دافع جسدي، والقيادة سلوك جسدي ليس بينهما تلازم، وربما كان السلوك الناتج عن الإرادة هو العمل والإنتاج.

- التواضع سلوك وليس دافعًا، والتواصل يمهِّد له التواضع ولكن ليس دافعًا له، إنّما الذي يدفع للتواصل هو الحاجة إلى التكيف والقبول الاجتماعي.

- الإرادة والثقة، ما الذي يجعل الأول دافعًا جسديًا والآخر دافعًا عقليًا؟! ما الفرق بينهما، ونفس الأمر يمكن أن نقوله في التواضع والتقدير.

- التأمُّل ممارسة فكرية بينما يجعلها المؤلف دافعًا روحيًا.

- الابتكار دافع عقلي يتولد عنه– حسب النظرية– سلوك التجديد، والسؤال: ما الفرق بين الابتكار والتجديد؟!.

- الثقة دافع عقلي يتولَّد عنها سلوك التعلم كما يقول المؤلف، والواقع أن الثقة يتولد عنها تحمل المسئولية، والتعلم سلوكٌ تفيدُ الثقة في تعزيزه لكنها ليست الدافع الوحيد له.

- التأمل كما يقول المؤلف يتولَّد عنه الطاقة!! لو قال المؤلِّف: إنّ التأمل يتولد عنه زيادة الإيمان لكان أقرب إلى منهج أهل السنة والجماعة، وقد أمرنا الله بالتفكر في ملكوت السماوات والأرض لما له من أثر في قوة الإيمان ورسوخه {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران : 190 ، 191] فإذا أحسّ المرء بزيادة الإيمان شعر بلذته تخالط بدنه، فلعلَّ هذا ما قصده المؤلف..

نظرية الكتاب والفلسفات الشرقية:

يعتقد المؤلف أن العمود الفقري يحتوي على المسار الأساسي للطاقة في جسم الإنسان، وهناك أطياف طاقية عبارة عن موجات كهرومغناطيسية تخرج من الجسم في منطقة في أعلى الرأس وتعود إليه في المنطقة الواقعة في أسفل العصب الشوكي في منطقة العجز من ظهر الإنسان [ص108]، وهذه الأطياف فاعلة وحَيَّة من خلال منفذين يقع الأول في أعلى الإنسان "مركز الطاقة الرأسي" وهو متصل بالكون العلوي ويختصّ بالخالق والروح والدوافع والوالدين والأسرة و"الطاقة الكونية"! أما المنفذ الآخر (مركز الطاقة الأساسي) فيتصل بالطاقة الأرضية خاصة الغرائز وحب البقاء والسلوك والمادة و"الطاقة الأرضية"! وبهذا الارتباط العلوي والسفلي تسري في الإنسان طاقة عظيمة مصدرها الكون والكوكب الذي يعيش فيه [ص111].

والمشهور في «الممارسات الباطنية الشرقية التي تعتمد مبدأ الطاقة الخفية في "الأثير" أنَّ للإنسان المادي المحسوس "توأمًا روحيًا" في الفضاء؛ فمتى أمكن الوصول إلى ذلك التوأم الروحي عن طريق الطقوس الباطنية وبعض الطلاسم انعكس ذلك على طاقة الجسد المادي فشعر بالخِفَّة، وقد لقيت هذه التُّرَّهات رواجًا في الغرب.. وهناك ممارسة رائجة أخرى تُعرَف بـ"كُنداليني" وتقوم على مبدأ مماثل، هو أنَّ العمود الفقري للإنسان يحوي طاقة كامنة تمتدّ من عجب الذنب إلى أعلى الرقبة، فإذا تخلَّلت "البرانا" المنتشرة في الهواء العمودَ الفقري عن طريق بعض الممارسات الباطنية نهضت عند المرء "كنداليني" التي هي آلهة أفعى.. فيشعر المرء بنشوة أو استنارة» [مجلة البيان العدد 269، سوار الوهن، فيصل الكاملي].

لم أعرف بالضبط المنهج العلمي الذي يسير عليه الكاتب، ففي حين يؤكِّد على أنه توصل إلى هذه النتائج بالدراسة العلمية– الفيزيائية تحديدًا [ص110] بل يرى أن أي جهد لتفسير السلوك الإنساني والتأثير فيه يبقى محاولات عبثية غير خاضعة لنظام يمكن تفسيره، ما لم تُربَط بالعلوم الفيزيائية وما فيها من علاقات بين الحركة والطاقة الكهربائية والمغناطيسية [ص96] نجده بعدها بصفحات يعارض نفسه ويؤكِّد أن المعالجة بالطرق الروحية ومن خلال الطاقة أكثر تأثيرًا وأسرع شفاءً وتعمُّقاً بالأسباب الحقيقية المؤثرة في صحة بدن وعقل وروح الإنسان [ص112] وفي الوقت الذي يؤكِّد فيه أن أسطوانتي الدوافع والسلوك افتراضيتان، وأنَّ العلاقة بينهما افتراضية، إلا أنَّهما بقدرة قادر تنقلبان إلى اسطوانتين حقيقيتين تحيطان بالحبل الشوكي، وتنتجان مجالَ حركةٍ يقاس فيزيائيًا، ويُشاهد من خلال الأجهزة![ص96، 108].

الروح.. بين الإسلام والشرق:

يرى الباحث أنَّ العلماء المسلمين أحجموا عن دراسة الروح ولم يقدموا الكثير في هذا الموضوع بسبب تفسيرهم لقول الله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء : 85] إلا أنَّ علماء الصين والهند قد عملوا بعض "الدراسات" و"الأبحاث" منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة (أي قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم) واكتشفوا وسائل لتنشيط الروح والاستفادة من ذلك لتحقيق قدرات فائقة في إمكانات الإنسان وتفاعله مع البيئة المحيطة تعتمد هذه الممارسات بدرجة كبيرة على رياضة التأمُّل والتركيز والبعد عن الضوضاء.. بطبيعة الحال لم يُشِر المؤلف هنا إلى واحدة من هذه الدراسات، لكن ما ذكره المؤلف معروف في الثقافات الشرقية عمومًا من خلال أفلامهم الوثائقية أو حتى الدرامية!!..

وأنا على قناعة تامَّة أن تراثنا الإسلامي "السلفي" مليء بالبحوث النافعة التي أجابت عن كل الأسئلة المطروحة في زمانها، أما علماء التربية المسلمون في زماننا هذا فقد تأخروا وانصرفوا عن تراثهم الثري إلى أطروحات فيها الغثّ والسمين، واجترَّها كثيرٌ منهم دون نقد وتمحيص.

وفي ختام هذا الاستعراض أُرانِي أقف عاجزًا عن الاقتناع بالنتائج التي توصل إليها المؤلِّف والأسلوب العلمي الذي اتَّبَعه، وألْحَظ فيما كتبه تأثرًا كبيرًا بالثقافات الشرقية.

(وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) [الأحزاب : 4].

fiogf49gjkf0d
         أضف تعليق