مُعزُّ مَسعود: مشكلة شباب اليوم في الفراغ الداخلي
مي محمود
أكَّد الدَّاعية الإسلاميُّ الشَّابُّ مُعزُّ مَسعود أنَّ الشَّباب المُسلم يُعاني في الوقت الرَّاهن مِن أزمات عديدةٍ كافتقاد الأمل وعدم الثِّقة بالنَّفس والاحباط والكبت نتيجة العديد مِن العوامل التي تلعب دورها في إحداث هذه التَّأثيرات، ومِن بينها ما يُشاهده في وسائل الإعلام التي تُطبِّعُ الرَّذيلة مِن خلال عرضها الأفلام والصُّور الإباحيَّة، وتنشر الثَّقافة والمفاهيم الغربيَّة التي تدعو إلى تقديم قِيَمِ اللذة والمُتعة الحِسيَّة على ما عداها مِن قِيمٍ أخرى روحيَّة بزعم أنَّ ذلك يُخرج الفرد مِن الملل والهمِّ.
وأشار مَسعود خلال ندوةٍ بعنوان "الطَّريق الصَّح" عُقِدَت مُؤخرًا في ساقية الصَّاوي في القاهرة، إلى أنَّ الدِّراسات والأبحاث أكَّدَتْ بطلان وجهة النَّظر هذه؛ حيث أنَّ الشَّباب الذي يتَّجِه إلى إشباع غرائزه، ويُفضِّل الَّلذة الحسِّيَّة على القِيَمِ الرُّوحيَّة لا يقضي تمامًا على حالة الملل أو تكون هذه الحالة علاجًا له.
وفي الإطار، قال الدَّاعية الإسلاميُّ الشَّابُّ إنَّ أزمةَ العالمِ الاسلاميِّ رُوحيَّةٌ بالأساس "نتيجة الابتعاد عن اللهِ تعالى، واتِّباع الشَّهوات، وذلك مصداقا لقولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ".
وأشار مَسعود إلى أنَّه من خلال هذه الآية؛ فإنَّ أكثر هذه الشَّهوات تأثيرًا في الإنسان هي "الجنس والمال والقُوَّة والمنصب"، وزاد بالقول إنَّ مُشكلة الفرد المُسلم في الوقت الرَّاهن في الفراغ الدَّاخليِّ، وعندما يُحاول أنْ يملأ هذا الفراغ؛ فإنَّ ذلك يكون مِن خلال هذه الشَّهوات أو الرَّغبات الثَّلاث السَّابقة.
fiogf49gjkf0dtify">واستعرض مَسعود في هذا السِّياق ما قاله الإمام ابن حزم حول هذه المشكلة؛ حيث رأى الإمام ابن حزم أنَّ وراء اتِّباع النَّاس للشَّهوات بعض الهموم، مثل الفقر، فيلجأون إلى طردها من خلال إتباع الشَّهوات، مثل المال، أو قد يكون عند الإنسان إحساسٌ بأنَّه ليس له قيمةٌ كُبرى؛ فيرى أنَّ الشُّهرة الدُّنيويَّة هي البديل.
وبيَّن مَسعود أنَّ الإنسان بمقدوره التَّغلُّب على هذه الشَّهوات "لأنَّ الفِطرة السَّليمة تُنكر المُنْكَر، كما أنَّ الانسان اذا تدبَّر آياتِ اللهِ يشعر بالقرب مِن اللهِ سُبحانه وتعالى، ويكون بمقدوره بالتَّالي التَّغلُّب على رغباته وشهواته، بالاضافة إلى اختيار الطَّريق الصَّح، وهو طريقُ اللهِ سُبحانه وتعالى".
ويرى مَسعود أنَّ الإنسان لا يكون حُرًّا إلا باختيار الطَّريق الصَّح لأنَّ الفرد الذى يتَّبع الشَّهوات غالبًا يكون مُقيَّدًا بالهوى، وذلك يبدو في قوله تعالى ?أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا?، لأنَّه ليس أخطر على العبدِ مِن هواه".
وأوضح مَسعود أنَّ التَّغيير في حياة الإنسان مِن اتِّباع الهوى والشَّهوات إلى الاستقامة لن يحدث إلا من داخل الإنسان، وذلك من خلال السَّيطرة على نفسه وعدم الغضب، اقتداءً بالنَّبيِّ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" الذي لَم يغضب قط لنفسه، وهذا يتَّضح في موقفه مع اليهوديِّ الذي كان يعنِّفُه، وكلَّما عنَّفه اليهوديُّ؛ كُلَّما كان "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" يزداد حلمًا، لأنَّه كان يغضب للهِ.
ودعا مَسعود إلى الاقتداء بالقيم الرُّوحيَّة التي حفل بها القرآن الكريم والسُّنَّة النَّبويَّة الشَّريفة، وتساءل مَسعود في الإطار لماذا لم يستفِد الشَّباب مِن قصَّة سيِّدِنا يُوسف "عليه السَّلام" مع امرأة العزيز؟ وقال إنَّ هذه القصَّة تُعلِّمُ الشَّباب العِفَّة والطَّهارة والتَّقوى، وتُعلِّمُ أيضًا أنَّ القُرْبَ مِن اللهِ لا يُوقع الفرد في الفِتَنِ أو المعاصي.
واستطرد مَسعود قائلاً إنَّ العالم مهما وصل مِن تقدُّمٍ في المجال التِّقنيِّ والمادِّيِّ؛ فإنَّه في هذه الفترة مِن التَّاريخ، و حيث طَغَتْ قِيَمُ المادِّيَّة على غيرها مِن القِيَمِ، هو في أمسِّ الحاجة إلى اللهِ سُبحانه وتعالى، وأضاف أنَّ العالم، وما يمرُّ به مِن أزماتٍ اقتصاديَّةٍ وسياسيَّةٍ واجتماعيَّةٍ، إنَّما هو نتيجةٌ للوهن، وهو حبُّ الدُّنيا وكراهية المَوت كما قال الرَّسولُ الكريم "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".fiogf49gjkf0d=AR-SA style="FONT-SIZE: 13pt; LINE-HEIGHT: 115%; FONT-FAMILY: 'Arial','sans-serif'; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-theme-font: minor-bidi">
و قدَّم مَسعود عددًا من النَّصائح للشَّباب تتضمَّن بعض الخطوات العمليَّة التي تساعده على التَّقرُّبِ من اللهِ تعالى، ولكي يكون ذلك عونًا له على الطَّريق الصَّحيح، ومن بينها التحلِّي بالقلب الوجِل عندما يُذكر الله، وتزكية النَّفس، والمُحافظة على الصَّلاة، والانفاق ممَّا يُحبُّ الإنسان، والحرص على الصُّحبة الصَّالحة، والمداومة على قراءة القرآن الكريم، وإتقان العمل بالنِّيَّة الصَّالحة، ومُراعاة تَقوى اللهِ في كلِّ الأمور.
وأوضح مسعود أنَّه عندما يقوم الإنسان بهذه الأمور سوف يكون هناك تقوى روحيَّةٌ تؤدِّي إلى حدوث طفرةٍ هائلةٍ في حياته، وهو ما سوف ينعكس على أوضاع الأُمَّة بشكلٍ عامٍّ في مُختلف المجالات، السِّياسيَّة والاقتصاديَّة.
وأكَّد على أهمِّيَّة وضرورة حدوث ذلك لتمكين الأُمَّة من مُواجهة أعدائها الأمة، وذلك لقوله تعالى في سُورة "الأنفال": "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ"، وذلك لأنَّ أساس قُوَّة الإنسان من قوَّة إيمانه باللهِ سُبحانه وتعالى.
ودعا مَسعود مِن جانبٍ آخر أولياء الأمور إلى تيسير سُبل الزَّواج أمام الشَّباب؛ حيث إنَّ الكثير مِن الشَّباب لا يستطيع الزَّواج بسبب التَّعقيدات التي دَخَلَتْ على مُتطلَّبات الزواج في هذا العصر، ودعا إلى الاقتداء بالهديِّ النَّبويِّ الشريف في هذا الجانب؛ حيث زوَّج النَّبيُّ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ابنته فاطمة الزَّهراء لعليٍّ بن أبي طالبٍ بامكانيَّاتٍ قليلةٍ، مصداقًا لقوله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" في الحديث الذي أخرجه التِّرمذيُّ: "إذا جاءكم مَن تَرضَون دينَه وخُلُقِه فزوِّجوه إلا تفعلوه تكُنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فور شباب |