عندما نتجاهل نصائح الكبار..

أ‌. عبير النحاس

عندما أخبرني طبيب الأسنان أنه لم يعد بإمكانه متابعة علاج أحد أضراسي وأنه مضطر لقلعه بعمل جراحي وأعطاني موعدا قريبا لأكون فيه مستعدة؛ تذكرت إصرار والدتي على تفريش أسناني منذ سنواتي الأولى وتلك الأساليب المختلفة التي حاول بها والدي مرارا إغراءنا بالالتزام, لا أنكر أنني بت ممن يلتزمون بالتفريش وأنني أمتلك فرشاة أسنان في حقيبتي بشكل دائم لأستخدمها خارج المنزل, ولكنني ما زلت أعزي فقداني لذلك الضرس وكل ما يصيب أسناني إلى زمان كنت فيه صغيرة ولم أكن أنفذ أوامر وتعليمات والداي.

وقصة أخرى:

عندما أصبت بحالة من التشنج في أصابعي أخبرني الطبيب أن هذا ناتج عن نقص عنصر الكالسيوم في الدم, وأن قلة تناولي للحليب ومنتجاته ربما تكون هي السبب ويرافقها برنامجي الغذائي غير المتوازن, وكان هذا أيضا أمرا ألحت به والدتي طويلا ولم أستجب لها بالفعل.

"التكنولوجيا قد تضر أيضا"

 حينما أُهديت إلي آلة من الآلات الحاسبة البسيطة -عندما كنت في المرحلة الابتدائية- رحت أسرف في استخدامها عند حل الوظائف متجاهلة نصح والدتي بعدم الاعتماد عليها بشكل كبير ووجدت أثر مخالفتي لها في أثناء المذاكرات فقد وجدت صعوبة وبطئا عند القيام بالعمليات الحسابية فأدركت عظم النصيحة وفداحة ما أوقعت نفسي فيه, وبت من أكبر أنصار إخفاء الآلات الحاسبة وعدم استخدامها عندما كبرت وأصبحت أما.

"تعب الدراسة مذاق ولا أطيب"

أدرك ولدي حُسْنَ عملي وتعاملي معه عندما أكثرت من الضغط عليه في سنته الثانوية الأخيرة ورأى نتيجته في دخوله الجامعة في القسم الذي يحبه ويتمناه في حين اضطر بعض أصدقائه لإعادة السنة الدراسية.

"اغسلي الأطباق بشكل جيد"

كانت تلك نصيحة والدتي الرائعة في ذلك اليوم الذي وجدَت فيه بقايا الصابون على طبق كنت قد غسلتُه من قبل ويومها أخبرتني قصة تلك السيدة التي أهملت أدواتها فعاف الناس زيارتها, وما زلت ممتنة لنصحها وشاكرة لها ما علمتني.

"ارفعي كتفيك جيدا"

تلك العبارة التي لا تنفك ترددها وهي تراني وأختي ننحني على الطاولة, وكنا ننهض بأكتافنا عاليا ونحن نبتسم لها وننسى الأمر بعد دقائق, وقد تسرب الخوف إلى نفسي بعد أن رأيت إحدى زميلاتي وقد انحنى ظهرها وهي ما تزال في سن الشباب.

"كوني حذرة في تعاملك مع الجنس الآخر"

وهذه أيضا من أهم النصائح التي ذاقت من خالفتها الويلات وربما خسرت نفسها وسمعتها وحياتها أيضا, وهي النصيحة التي أعتبرها من أجمل الهدايا التي قدمتها لي والدتي وكانت سببا في سعادتي وشعوري بالكرامة والأمان.

"لا تستخدمي مجفف الشعر كل يوم"

تلك النصيحة الخفيفة أيضا كان لها أثر ها فللمجفف أثره الذي لا يخفى, وهو يتسبب في تقصف الشعر وتلفه وبتساقطه أيضا, ومن الخير لكل من تستعمله أن تقتصر على الضرورات وتختار لنفسها تسريحة تناسب شعرها ولا تضطرها لاستخدام المجفف كل حين.

تلك بعض القصص للنصائح التي حصلت معي شخصيا وذكَرتها والدتي يوما, وهي ما تزال راسخة في مخيلتي وتذكرني بقيمة تلك النصائح التي يقدمها لنا الكبار ولا نعيرها اهتماماً ونحن صغار, وقد تتذكرون قصصا مررتم بها وتتذكرون ندمكم لعدم التزامكم بتعليمات الكبار يومها, وأراكم تقررون الالتزام في المستقبل وأخذ تلك النصائح على محمل الجد لتتجنبوا كثيرا من المعاناة والأسى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منارات الأسرة