بعد ثورة 25 يناير أصبح الوضع الاقتصادى المتدهور فى مصر شيئاً يشعر به المواطن فى حياته اليومية من خلال ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل مستمر، بجانب الكثير من الشواهد اليومية الأخرى.
ولكن هل تعكس هذه الشواهد اليومية حقيقة الوضع الاقتصادى الحالى؟! وهل الوضع الاقتصادى المصرى بالغ السوء ويصل إلى حد الأزمة؟!
للتعرف على حقيقة الوضع يجب أن ننظر إلى المؤشرات الاقتصادية الكلية التى من أهمها «عجز موازنة الدولة». ، اتسعت الفجوة بين إيرادات ومصروفات الدولة بشكل ملحوظ، مما أدى إلى زيادة عجز الموازنة لتصل إلى ما يقارب 140 مليار جنيه مصرى فى العام المالى 2011\2012. وبالنظر إلى إيرادات الموازنة فقد توقفت عند ما يقارب 360 مليار جنيه مصرى بينما زادت مصروفات الموازنة إلى ما يقارب 500 مليار جنيه مصرى فى العام المالى 2011\2012. وهذا العجز يعتبر الأكبر فى تاريخ الاقتصاد فى السنوات القليلة الماضية من حيث إجمالى حجم العجز، على الرغم من أن نسبة العجز لإجمالى المصروفات مسبوقة.
ولكن ما الأسباب وراء هذه الزيادة السريعة فى إجمالى مصروفات الدولة؟! بالنظر إلى توزيع مصروفات الدولة يظهر خدمة الدين والدعم كأكبر عاملين فى الموازنة. ويشكل هذان العاملان أكثر من 50% من المصروفات، حيث وصل إجمالى خدمة الدين إلى 114 مليار جنيه فى العام المالى 2011\2012، بينما وصل إجمالى الدعم إلى 158 مليار جنيه فى العام المالى 2011\2012. وبما أن هذين العاملين هما الأكبر فى المصروفات، فيعتبران الأهم فى زيادة المصروفات، وبالتالى عجز الموازنة.
ولكن ما أسباب زيادة خدمة الدين؟! السبب الرئيسى فى هذا يكمن فى زيادة سعر الفائدة على أذون الخزانة المصرية، التى أدت إلى ارتفاع حجم خدمة الدين بشكل كبير. والسبب وراء ارتفاع أسعار الفائدة هو عدم الاستقرار السياسى فى البلاد، الذى أدى إلى ازدياد المخاطرة فى الاستثمار فى أذون الخزانة المصرية حتى وصلت إلى ما يقارب 17% فى الربع الأول من عام 2012.
أما عن ارتفاع حجم الدعم، على الرغم من عدم تأثره بالوضع السياسى، لكنه مرتبط بأسعار السلع المدعومة التى شهدت ارتفاعاً ملحوظاً فى الفترة الماضية، ولعل من أهمها ارتفاع أسعار البترول والسلع الغذائية الأساسية، ولكن هل هذه المستويات غير مسبوقة؟ فى حقيقة الأمر الاقتصاد المصرى مر بفترات مماثلة فى العقود السابقة من حيث نسبة إجمالى عجز الموازنة إلى إجمالى الناتج القومى أو نسبة إجمالى الدين العام إلى إجمالى الناتج القومى.
ولذلك فإن هذا يعتبر مؤشراً إيجابياً ودليلاً على قدرة الاقتصاد المصرى على الخروج من الأزمة إذا تم اتخاذ حزمة من الإجراءات الإصلاحية مثل التقشف، خفض قيمة الدعم، إعادة هيكلة الدين العام وغيرها من الإجراءات.
لذلك فإن الأمل الآن هو الوصول إلى حالة من الاستقرار السياسى التى ستسمح باتخاذ مثل هذه الإجراءات والقرارت الاستراتيجية؛ لتصحيح مسار الاقتصاد المصرى فى الفترة المقبلة.
ثانيا : دراسة حاجات المجتمعات المختلفة وتنوع السلع الانتاجية للتصدير للحد من الاستيراد
العمل هو الفعل الإنساني في الموجودات الطبيعية كي تتحول إلى سلع وإلى خدمات صالحةٍ للاستهلاك البشري، وذلك بمساعدة عناصر أخرى تُسهم في عملية الإنتاج غير العمل الإنساني المباشر والمُعَبَّرِ عنه بالجهود البدنية والذهنية لمجموع الأفراد العاملين في المجتمع.
إن مجموع أفراد المجتمع وهم يقدمون أعمالَهم – أي جهودهم البدنية والفكرية – لتُحدِثَ فعلَها في موجودات الطبيعة بالشكل الذي تصبح فيه هذه الموجودات سلعا وخدمات استهلاكية تلبي وتشبع حاجاتِهم، إنما يشركون عنصراً هاما من عناصر الإنتاج المتوفرة في المجتمع في عملية الإنتاج.
فأيُّ مجتمع يُمارس عملية الإنتاج لا يتوفر فقط على عملِ أفر
fiogf49gjkf0d
اده، بل هو يتوفر أيضا على الأرض التي يحيى عليها هذا المجتمع وما تحويه في باطنها وعلى ظهرها من مختلف الثروات والموارد الطبيعية، كما يتوفر على تراكمات جهود الآباء والأجداد متمثلة في رؤوس أموال ومظاهر إنتاجية وعملية متنوعة قائمة في المجتمع وعلى أرضه، بصرف النظر عن طريقة وأسلوبلتوزيع المعتمد في المجتمعات لتلك الثروات المتراكمة أو الأراضي القائمة.
إن كل فرد في المجتمع وهو يُسهم بعمله في إنتاج سلعة أو خدمة معينة يحتاج إلى كلِّ السلع والخدمات المُنْتَجَة من قبل أفراد المجتمع الآخرين عبر أعمالهم المتَخَصِّصَة.
وانطلاقا من ذلك فإن كلَّ فرد في المجتمع ونظراً لأنه لن يُنْتِج بعمله الخاص كافة السلع والخدمات التي يحتاج إليها، فهو يمتلك حق الانتفاع بكافة السلع والخدمات المُنْتَجَة في المجتمع، كي يستطيع إشباعَ حاجاته المتنوعة، كما ستُوَزع السلع والخدمات التي ينتجها هو على كافة أفراد المجتمع، عبر نهجٍ تَخَصُّصِيٍّ يتعمق في المجتمعات البشرية يوما بعد يوم مرتبطٍ بالتطور العلمي والمعرفي للإنسان.
إن نظرة فاحصة نلقيها على مجموع ما ينتجه مجتمع ما من سلع وخدمات لإشباع حاجات أفراده، تطلعنا على أن كل فرد فيه مهما كانت فاعليته الإنتاجية عالية في السلعة أو في الخدمة التي تقع ضمن دائرة تَخصُّصِه، فإنه يحتاج حاجة وجودية إلى الآخرين وسلَعِهم وخدماتِهم، مهما كانت فاعليتهم قليلة من وجهة النظر الإنتاجية.
ن السلع والخدمات التي يحتاجها الإنسان لإشباع حاجاته المتنوعة والثابتة زمانا ومكانا تُنْتِجُها مؤسساتٌ إنتاجية عديدة يعجُّ بها المجتمع الذي يُمارس العملية الإنتاجية بوجه عام، وبما أن الإنسان في هذا المجتمع يمتلك حق الانتفاع الطبيعي بتلك السلع والخدمات لإشباع حاجاته، فهذا يعني بالتالي وبالضرورة أن أيَّ إنسان يَمتلك حق الانتفاع بتلك المؤسسات الإنتاجية وبتلك العناصر والعوامل الإنتاجية، كي يتمكن بالتالي من الانتفاع بالسلع والخدمات المُنْتَجَة عبرها ومن خلالها.
كلُّ أفراد المجتمع إذن شركاء طبيعيون ومتساوون ومتكافئو الفرص في ملكية حق الانتفاع بعناصر الإنتاج، كما أنهم شركاء طبيعيون ومتساوون ومتكافئو الفرص في ملكية حق الانتفاع بالمؤسسات الإنتاجية التي انبثقت عن استغلال تلك العناصر، على نحوٍ يحقِّقُ العدالة التي تعني في أول ما يمكنها أن تعنيه، الانطلاق في توزيع الثروة التي يُنتجها المجتمع من إشباع الحاجات الطبيعية للأفراد، وفق متطلبات الكرامة الإنسانية التي تحددها مستويات وأنماط التطور الإنساني، وهو الأمر الذي يفرض أن يكون تنظيم الملكيات والحيازات في المجتمع – كي يجسِّدَ العدالة على ذلك النحو المشار إليه – محقِّقا للمبادئ التالية مجتمعة من غير انحياز لمبدإ منها دون المبادئ الأخرى.
ثالثا: اهمية ترشيد الاستهلاك فى كل متطلبات حياتنا اليومية من ماء وغذاء ووقود الخ
قد أمر الاسلام بالإنفاق على الطيبات في اعتدال، وأنّ تَمَلّكَ المال ليس بغاية في ذاته وإنما هو وسيلة التمتع بزينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، أما أن يملك الانسان المال ليكنزه ويمسكه ويكاثر بجمعه وعدده ويحرم نفسه وأهله من ثمراته ويحرم الجماعة من خيراته - فهذا انحراف عن هدي الله وتنكّر لحق الاستخلاف الذي قرره الله تعالى بقوله: (